تراتيل الشهيد كبرئيل

[توما بيطار]

تراتيل الشهيد كبرئيل

@ من كتابي الجديد: أبناء الفردوس
@ كلانا درسَ في حمص
@ كان على باب التخرّج كمهندس ،عندما فجَر الأوغاد في حمص ، فسقطَ شهيداً.

حمص يا مدينةَ ديك الجن
يا حاضنةَ نهر العاصي والقِلاع
كم انتعشتُ من نسيمكِ العليل
وسحرتني عيون صبايا باب السباع
يومَ كنتُ أدرسُ في دار المعلّمين
وكان الفقرُ يُزكّي نيرانَ الأوجاع
وها قد أتاكِ من بعدي كبرئيل
شابٌ يحملُ في رأسهِ مفتاحَ شِراع
يرنو إلى الآتي ، والأحلامُ تسبقهُ
والعِلمُ همّهُ، والدفتر بيدهِ واليراع
تركَ الأهلَ، وهو الغالي والعزيز
ليكملَ الشهادةَ، ويطلق في الظلمةِ شُعاع
يُصلّي أحياناً، ويعتلي المسرحَ حيناً
وهو مُجيدٌ للغةِ التلقينِ والإستماع
ولسوء حظّهِ، فلتتْ ذئابُ البلاد
واضطربت النفوسُ، واهترأت الأوضاع
وتفجيراتٌ في الشوارعِ، ولم يَعُد أمان
وتزايدَ الإرهابُ، وسقطت حصونُ الدفاع
قتلٌ وخطفٌ، وتفجيرٌ في كلّ الأمكنة
وضاعَ من نظام البلدِ، ثلاثةُ أرباع
ولسوء القَدرِ، تواجدَ في مكان الإنفجار
واستشهدَ كبرئيلُ، ضحيّةَ الإرهاب والصراع .
يا آهات العالم ، من مصيبةٍ كبرى
سقطت على العائلة، وبدأت الأوجاع
ضاعَ كلُّ حلمٍ للشباب، وسقط البلد
وخرجتْ من الأوكارِ، ذئابٌ وأسودٌ وضباع
دمروا سورية ،وكلّ حضارةٍ قامت
وانطفأت شمعةُ البيتِ، وكبرئيل ضاع .
ستبقى في ذاكرتنا مدى العمر
رمزاً للدفاع عن الحرّية والجياع
سيخضرُّ دمُكَ الذكي في أرضنا الحبيبة
وستشفى الجراحُ، وتخفُّ حدّةُ الأوجاع
لكننا لن ننسى شهيدَ العِلمِ كبرئيل
وستنبتُ تراتيلهُ نِعمةً، تنقذنا من الضياع

@ لوحة الغلاف: الفنّان يعقوب بلقو .