ـــــــــــــــــــــ
مضى العمر وهأنذا أمضي معه
ياليتَ الذي مضى لم يكن من عمري
لو كنتُ جدولا" لسقيتُ كلّ الصحارى
ولرويتُ العطاشَ من مياه نهري
ولأضفيتُ على الوجوه الحزينةِ ابتسامة"
وغذّيتُ خدود الياسمين من فنّي وسحري
وربما أشبعتُ البطون الخاويةَ خبزا"
وربما أصبحتُ شجرة" ومن يدري ؟
مضى العمر وهاإنّي لم أبدأ بعد
ولاأدري كيف الأمور حولي تجري
فالشمسُ أحيانا" تشرقُ وهي ضاحكةٌ
وعند الغروبِ يصبحُ لون خدودها خمري
وإذا ماالقمرُ أطلّ من بويتاتهِ
لاأدري لمَ يبكي دوما" قمري
ألمْ تعد تسعده قصص العشاق كالماضي
أم ضاعَ من أمسياتهِ الحبُّ العذري ؟
وأنا كالقمرِ لم تعد تسعدني أمسياتي
فبتُّ حيرانا" في لياليّ وفي سهري
فالرياحُ قد أتعبت عينيّ وفكري
وغدرُ الأصحابِ قد أثقلَ ظهري
فلم بعدْ الخمرُ كسابقِ العهدِ يُسكرني
وباتت الأحزانُ هي كأسي وخمري
وكنتُ من قبلُ أُفصحُ عمّا ألمّ بي
فباتَ العقلُ تعبٌ من ثقلِ سرّي
وحطبُ الأيام الخوالي لم يعد يدفّيء
فسكائري وأفكاري باتت حطبي وجمري
فشكتْ أوهامي أمري لسوءِ حالي
ومارضيتْ مهما قدّمتُ لها من عذرِ
ولم تعد صدورُ النساءِ ذاتَ نكهةٍ
كسابقِ الأيامِ حينَ كانت الركبةُ تُغري
فقد تعرّت النساءُ كالأحلامِ وبهتت
ولم تعدْ الحشمةُ تدلُّ على الطهرِ
فبكتْ عينايَ على حالٍ وصلنا إليهِ
وتهتُ في صحراءِ ظنوني وفكري
ولمْ أعدْ أعرفُ الطريقَ إلى الحياة
فباتت الأحزانُ هي حياتي وقبري
فربما سأعودُ للحياةِ في عالمٍ آخر
وربما لاأعودُ ..ومن يدري ؟
توما بيطار