وللكرسيّ الكلام ْ .. يا أصنامْ ..!! شعر وديع القس
تاريخُ ميلادهِ يتزامنُ مع َ
ولادةِ الأرضِ الأولى..
والإنسانُ الأوّل
والحبّ الأوّل
ومنْ جبينِ الشَّمسِ
طفقتْ نفحاتُ روحهِ
جللا..
وكان الجذورَ والأعراقَ
وصار الكَرَمَ
وصارَ الأصلَ
ولازالَ الدمُّ الأنقى
ولازالَ الفخرَ
والأصلَ والأصولا..
**
باركَ مياهَ الشّرق
وعمّدها بالقداسةِ وحوّلها إلى
مزارات ٍللمؤمنينَ
و للمحبّينَ والعشّاقَ
شمولا..
**
أجملُ الأوطانِ كانَ
ولا زالَ جميلاً
جمالهُ من روحِ العاشقينَ الكرام
وزهورُ الياسمينَ الكرام
وخمورهُ الكرام
فتمرّدَ على البخلِ القبيحِ
والجهلِ والذلِّ الجريحِ
وأصرَّ ألاّ يكونَ
تابعا ً وهزيلا..
**
طوّقوهُ من كلّ الجوانب
وأطلقوا عليهِ الرّصاص
من كلِّ حدبٍ وصوبِ
وأرادوهُ قتيلا ..
**
ثمَّ خلّوهُ وحيدا ً
ومضرّجاً بالدّماءِ
ثمَّ تجمّعوا حولَ بحيرةِ
الدّماءِ
يهتفونَ ـ يكبّرونَ
بابتهاجٍ واحتفالا..
**
ينظرُ إليهم من بحيرةِ الدمِّ
الحمراءِ
ويتنفّسُ الصعداءَ
وتكشّفتْ لديهِ كلّ أقنعةِ
الرّياءِ والكذب ِ
وكلّ أنواع الرواياتِ الفاسقة
والزّعاماتِ
الذّليلا..
**
وسقطتْ آخرَ مرافعاتِ القوانينِ
وأحكامُ القضاءِ
ورحلتْ أنوارُ النّجومِ
وكلّ آياتِ الحقّ والصّدقِ
وكلّ أزهارُ الورودِ والكرومِ
وكلّ أصداءِ الحقيقة ِ
في أفولا..
**
وكعادتهِ لا يحني رأسهُ
وعيونهُ ترفضانِ النومَ
وقلبهُ الأصيل
يتحدّى لغةَ الصّمتِ
ولا يعرفُ الخوفَ
والوجلَ أوأيّ تهديدٍ من
متجبّر ٍ أوخانعٍ
أو دخيلا..
**
قتلوهُ ولا زالَ حيّا ً
رموهُ بكلِّ أنواعِ السيوفِ
والرصاصِ
فقهوا عينيهِ
وأكلوا أحشاءهُ والقلوبَ
ورموهُ عظماً للوحوشِ
والضّواريْ
ولا زالَ حيّاً
ولا زالَ متمرّداً على القبحِ
ولا زالَ يمشي واقفا ً
يرفعُ الحقَّ ولا يرتضيْ
غير
الحقوق ِ قولا ً وتمثيلا..
* *
تجمّعوا حولَ الجثّةِ الضريحة
يتناقشونَ بلغةِ الضّادِ الفصيحة
لا يتكلّموا على الوطنِ
ولا يتكلّموا على الشّعبِ
أيّ كلام..
**
ولن يتكلّموا على المنظّماتِ
الإرهابيّة والإعدامْ ..
ولن يتكلّموا على الظلمِ
وديكتاتوريّةِ النّظام..
**
ولن يتكلّموا عن المهجَّرين
والنازحين
ولن يتكلّموا على العاهاتِ
والشّهداءِ والمغتصباتِ
والجياعَ والثكالى
والأيتام..
**
لكنّهمْ تنافسوا بقوّةِ الكلامِ
البليغِ
عن التّمثيلِ في الكرسيّ
الفارغِ
واحتاروا في لونِ
الأعلام ..
**
فأجابهمْ ذاكَ الكرسيّ
الصامتِ الأصيل
أبلغَ أنواعِ الكلام في صمتِ
العِظام..
أكثرَ ممّا سمعناهُ من
من عِواءِ الذّئابِ
ونعيقِ الأبوام ..
**
وجموده ُ كان َأكثرَ إحساسا ً
من جثثِ هؤلاءِ
الأصنام ..
**
وأقسمَ ألاّ يكونَ
إلّا إبنا ً
بكرا ًللشمسِ
ينثرُ النورَ
ويخترقُ الأعتام
ويبقى العهدَ والمقام..
ويبقى الأصيلا ..
وديع القس ـ 29 . 3 . 2014