مقابلة مع المحامــي عبد الكريم بشير
أُسرة موقعنـا الحبيب كولان سوريويي أجْرتْ مُقابلة مع الأديب والمحامي السريـاني الأُستاذ عبد الكريم بشير ألمـُلقّب بـ ( أبو بشّـور ) المُقيم في ألمانيا في مدينة فيزبـادن .
الملفونوعبد الكريم له كتابات واهتمامات بالثقافة وكتب منذ خمسينات القرن المنصرم .
المحامي عبد الكريم كان مُعلّمـا ومُديرا ومُوجّهـا تربويـا في مدارس الجزيرة السورية . كمـا كان محاميا . له خدمات جمـّة في حقل الكنيسة والأوقاف . فكان محامي الطائفة لأبرشية الجزيرة والفرات سنوات عديدة.[/size][/color]
المقابلة موجودة على شكل بي دي اف PDF للقراءة ومشاهدةالصور
[/color]
نص المقابلة :
أُسرة كولان سوريويي تُرحّب بك أجمل ترحيب وتُقدّم لك الأسئلة التالية.
يُرجى التفضّل بالإجابة عليهـا مشكـــورا.
قبل أن أبدأ بالإجابة .
لا بُدَّ من أن أشكركم وأشكر موقعكم ــ موقعنـا ــ كـُلّنا سريان لا لأنّكم أتحتم لنا الفرصة للكتابة فيه فحسب بل اشكر نشاطكم و أُثمّن جهودكم وتظافر تعاونكم في سبيل اخراج وتحرير وادارة موقعٍ أنترنيتـي قيّم يواكب التقدّم ويُماشي الحضارة العصرية. جعلتموه منبرا لمن يرغب أن يُعبّر عن آرائه أو يبسط بعض مكنونـات احساسه وأفكاره وخلجـات قلبه ...
هدفه نبيل‘ وغايته تراثية حضارية سامية. وأثني على جهـودكم وحماسكم وتواصلكم مع الشخصيّات الأدبية والثفافية والاجتماعية المحترمة ...
فرأتُ لهـم وقرأت عنهم في الموقع هذا واستمتعت بحضورهم , وأسعدتني فخراٌ شيَمُ الأصالة في الجميع. ــ الجميع دون استثنـاء ــ وفصاحة وبلاغة البعض‘ وحماس واندفاع الآخرين الزائد . فأُوجّـه لهم جميعاٌ التحية والتقدير عن طريق موقعكم. زُوّاراٌ كانوا أومُحررين أو مُعلّقين أو أعضاء أو كتّـاب أو قُرّاء...
سوف تكون أجوبتي على بعض أسئلتكم مُختصرة ومضغوطة بعض الشئ ..
ألتمس المعذرة في هذا ... إلاّ مـا يستوجب الاطالة. وهذا يعود لطبيعة السؤال والجواب عليه.
السؤال 1 :
حدّثْنـا عن شخصيتك ميقرو عبد الكريم ‘ من هو عبد الكريم بشير ؟ قرّبْـهُ منّـا... لمحة عن حياتك ؟
اسمي كريم أو عبدالكريم بشير من مواليد آزخ أيلول عام 1933 والدي بشيرو بشير من قبيلة آل كـومو جذورهـا البعيدة من الرهــا حسب معطيات شجرة العائلة [ دوحة آل كـومو]
التي قد تراهـا معلّقة في بيوت بعض أبناء هذه القبيلة ( الكُـموكية ).
والدتـي بيكـي يعقوب من القبيلة البرصومكية.
مُتزوّج من السيدة أليز إيليا والدهـا بولس مـراد إيليـا والدتهـا فهـيمة كبرو خدّو .
لي أبناء وأحفاد...
السؤال 2 :
عالم الطفولة واسع وهـام في حياة الإنسان . حدّثنـا عن طفولتك ورفاق جيلك‘ وبما أنّك ولدت في آزخ يـا ريت تُبين لنا بعض الفروقات في حياة الطفولة والحياة اليومية ؟
طفولتي كطفولة أيّ طفل بريئة ساذجة هادئة. ليس فيهـا أيّة ميزة تُذكر‘ ولا سيّمـا في آزخ حيث البساطة والتقوى والأمـان وتبادل العطف والرحمة والتعاون والمحبّة في بلدٍ صغير جميع سكّانه تقريباٌ أهـلٌ وذوي قُربى... مُتحابين مُتقاربين جدّاٌ في المأكل والمشرب والعادات والعيش والمعيشة والثقافة. مشمولين جميعاٌ بالنخوة والكرامة وإغـاثة الملهوف وعزّة النفس والرجولة الحقّـة ..
السؤال 3 :
بالتأكيد تذكر أصدقاء ورفاق جيلك أين منهم اليوم؟ وما هي العلاقات التي كانت تربطكم واليوم ببعض ؟
الطفل له مُخالطات مع الأطفال في نموه ولعبه في بلده وفي حيّه قد يطول الشرح والاسترسال فيهـا.
هناك حكمة تقول: ــ ( كُـلّمـا كبر الإنسان أحبَّ التكلّم عن ذكرياته وهو في سنٍّ أصغر ) ــ ولا سيّما في اللعب والألعاب والمُفاجآت .
لقد تفضّل قبلــي بعضُ ضيوف موقعكم الكرام في ذكر وتعداد وتسمية وشرح أنواع الألعاب ووسائلهـا وقواعدها باسهاب ونشوة .
أخصّ منهم ــ على سبيل الذكر لا الحصرــ الأديـبين الشاعرين صبري يوسف من السويد. وفؤاد زاديكـي من ألمانيا.
وعلى ذكر فؤاد! ( كيف يقول هذا الأديب والشاعر المرهـف أنّهُ لا يعرف لماذا سُمّي فؤاد.)
عجباٌ: ألم يسبق أن قال له قائـل: "أنت يـا فؤاد في فؤاد آل آزخ ..."
لهذا سُمّيتَ فؤاد...يا حشيش الفاد....
أمـّا أنا أكتفي هنا بما أورده صديق الطفولة الدكتور الأب يوسف سعيد والمقيم في السويد ــ وهو غني عن التعريف ــ أديب. كاتب. وشاعر موهوب عربيّاٌ وسريانيّاٌ. في مقالته حين قال:"... وبقي أن أذكر أننا كُنّـا نلعب أنـا وكريم ــ وهذا كان اسمه وقتذاك ــ على درجات العين التي تتوسّط المسافة بين بيتينا. أو الجلوس في شتاءات آزخ القارصة عند كانون النار نُردّد معاٌ أبانا الذي . في اللغة السريانية .
وقبل أن ننتهي من تعلّم ( نؤمن بالله الواحد ) قـانون الايمان . فصلت الأيـّام بيني وبينه. إذ هـاجر أحدنـا إلى العراق والآخر إلى سوريـا ..."
{ من كتاب أبواب عديدة ص :83 }
السؤال 4 :
مـا هي المدارس التي تعلّمْتَ فيهـا . ومن كان من المدرسين الذين لهم أثر في حياتك؟ وكيف كان التعليم في هذه المدارس؟
بطبيعة الحال لم تكن مدرستنا ــ مدرسة السريان ــ ولا غيرهـا من المدارس وقتذاك في المنطقة مُجهّزة بالوسائل التعـليمية والمخبرية أو الرياضية
أو حتـّى أبسط وسائل الإيضاح أو مـا شابه ذلك ...
مع هذا كان التعليم جدّيـا . ويُلاحظ حتّى يومنا هذا من يحمل شهادة السرتفيكا من ذاك الوقت تُعـادل معلوماته اللغوية والتعلّمية من يحمل الشهادة المتوسّطة ــ الكــفاءة ــ إن لم نقل أكثر .
لستُ أدري السبب الأصيل لهذا الفرق بين الماضي والحاضر‘ ربّمـا هو أن الذين كانوا يتعلمون ــ وهم قلائل ــ كانوا مهتمين بالإحاطة بكلّ مـا يقرؤون. وربّما كان هذا واحد من أسباب كثيرة .
تعلّمتُ أنـا فقط في مدرسة السريان الخاصة في ديريك ــ المالكية ــ من الصف الأوّل حتّى الصف الخامس. أي المرحلة الابتدائية.
وكانت تنتهي بالصف الخامس والحصول على شهادة عامة كانت تُسمّى وقتذاك ــ السرتفيكــاــ وقد كان ترتيبي الأوّل بين الناجحين في الجزيرة كُلّهـا في هذه الشهادة دورة عـام 1947 .
وأوّل معلمٍ علمني هو المرحوم الأُستاذ حنّــا بشير في الصف الأول . وكنت قد تعلّمتُ الأحرف العربية أنـا وكل أبناء السريان تقريباٌ في ديريك على يد المرأة البتول الورعة القدّيسة التي كانت تُعرف بـ [ الأُستاده ] وهي المعلمة نجمه الخوري التي علمت الأجيال تلوى الأجيال .
لهذا أُبقاني في الصف الأول شهرين فقط . ثمّ رفعني إلى الصف الثاني . ونجحت إلى الصف الثالث في امتحان آخر السنة الدراسية ...
ولا أزال أحتفظ بالشهادة ـ الجلاء المدرسي ـ مُنظّمة بخط يده وكتابته طيلة هذه المدّة الطويلة. كما علّمني الملفونو حنّا عبدالأحد في الصف الخامس . اللغة السريانية‘ والطقس الكنسي وكان مدير المدرسة وقتذاك ورئيس لجنة المدرسة المرحوم مُراد بولس إيليا وهو مؤسس كشاف السريـان في ديريك منذ عام 1943 .
وإنني أكنُّ لذكراهم كلَّ الامتنان وكُلَّ الاحترام و كلّ الإكرام والاعتراف بالجميل... بعدئذٍ لم يتسنَّ لي الدراسة النظامية في مدارس أُخـرى فعقدتُ العزم وصمّمْـتُ على الدراسة الحرّة مهما كلّف ذلك من جهـد ..
( من باب : أخوك مجبرٌ لا بطـــل )
وحصلتُ على شهادة الكفاءة عام 1952 . ثمّ حصلتُ على شهـادة البكلوريـا في عام 1957 . وحصلتُ على شهـادة أهلية التعليم عام 1959 .
وحصلتُ على شهـادة الليسانس في الحقوق من جامعة دمشق عام 1964 / 1965 .
قد يستغربُ البعض من كلامـي هذا... إلاّ أنّهـا الحقيقة...
لكن والله احتاج الأمر لجهودٍ كبيرة‘ ودراسة متواصلة . ودفع الثمن من البصر والنظر والصحّة والراحة والحياة الشخصية والعائلية ..
كنتُ لا أنام قُبيْـل مواعيد الامتحان وأيّـام الامتحانات إلاّ ساعات قليلة . و قليلة جدّا. لأننـي كنتُ أعملُ في النهار كمُعلّم . وأنـا ربُّ عائلة تتطلّبُ منّـي تدبيرا وإعـالة ومصاريف. وعناية .. و.. و..
لذا كانت مساحة الدراسة لديَّ ليلاٌ أنسب .فكنْتُ أُوصل الليل بالنهارأحيانـا .
السؤال 5:
كنتَ منذ طفولتك تُحبُّ التمثيل . من أين جاء ذلك . وهل كان لك نية في الاستمرار بالتمثيل ؟
أخبرنا أين مثّلتَ وما هي المسرحيات والأدوار التي اتّخذْتهـا ؟
نعم كنتُ أُحبُّ فنَّ التمثيل منذُ نعومة أظفاري. ولاسيَّما كان جيلنا يفتقر إلى المسارح ودور السينما. لذلك كنّا نقوم بمسرحيّات كنّا نسمّيهـا وقتذاك ( روّايـات ) جمع روّاية وقد مثّـلتُ وأنا طفل في تمثيلية ـ رواية ـ فتى الأرز عام 1944. ثمّ َفي رواية سميراميس. وصلاح الدين الأيُّوبـي. وابن الضال ... كان هذا في ديريك.
وفي القامشلي ألّفتُ وأخرجتُ مسرحية الخرساء وغيرهــا ...وكنتُ وقتذاك في ريعان الشباب .
كمـا درستُ التمثيل والمونتاج والاخراج بالمراسلة .حيث كان في القاهرة معهد يُصدرُ نوطات لدراسة التمثيل ومُتطلباته . فراسلته وحصلت منه على النوطات اللازمة وخضعت للامتحان ونجحتُ في القسم النظري .بعد أن أجبتُ على أسئلة الامتحان . مع تزويد المعهد بعددٍ من صوري الشخصية وأنا في مواقف تمثيلية وتعبيرية عديدة . مع معلومات عن طولي ووزني ولون شعري والشهادات العلمية التي أحملهـا .
جاءني كتاب من المعهد يفيد أنني قد نجحتُ في القسم النظري . بقي أن أخضع لمقابلة مع عميد المسرح المصري وقتذاك يوسف بـك وهبـي .
وحدّد الكتاب الزمان والمكان لموعد المقابلة وأذكر أنّهُ كان المكان فندق
[ أُوريـان بالاس ] في عمّـان ــ الاردن ــ .
إلاّ أنّهُ لظروف خاصة وعائلية ــ لاداعي لذكرهـا ــ لم أتمكّن من الذهاب لحضور المقابلة ... لكن لا أخفيك أنني أُصبْتُ بخيبة أمل مُدمّرة لأحلامٍ وردية حلوه... عانيْتُ من مرارتهـا مُدّة ...
ومن عجائب الصدف أنني عنـدما تزوّجتُ في صيف عام 1956 وأخذت عروستي لقضاء ــ مـا يـُسمّى ــ شهر العسل ومن المدن التي قضينا فيهـا أيّـامـا من هذا الشهر. مدينة عمّان الجميلة ؛ حيثُ أخذنـا سائق التكسي فيها إلى فندق قرأت اللوحة المعلّقة على بابه الخارجي [ فندق أُوريـان بالاس ].
يا لغريب الصدف !!
هونفس الفندق الذي كان يجب أن أُجري المقابلة فيه منذ سنوات مع الفنّان يوسف بك وهبي .
وكان من جملة نزلاء الفندق التقينـا فيه بالفنّانات الأخوات الثلاثة :
فيروز ومرفت ونيللـي . جئن مع فيلمهنَّ الشهير (عصافير الجنّة . )
كدعاية. ترافقهنّ أُمُّهـنَّ وهي من أصل أرمني ...
عُزمْنـا نحن العروسين. وحضرنا الفيلم بعد أن قدّمتْ الممثـِلات الصغيرات فقرة كوميدية حيّة قبل عرض الفيلم الذي اظنُّ أنّه كان من إخراج المخرج عزالدين ذو الفقّـار .
السؤال 6 :
أنتَ والتربية والتعليم لكم مشوار طويل مع بعض . حبّذا لو تُبيّن لنا هذه العلاقة. منذ أن كنتَ معلّمـا ثمَّ مديرا ثمَّ مُفتّش تربوي وإلى ذلك من التسميات؟
نعم أنـا والتعليم أحبّة وأيـّة أحبة ..!!
لقد أعطيتُ لهذه المهنة عمر شبابي بكرمٍ ودون حساب. لأنّني كنتُ أعشق مهنتي. فأعطيتهـا وأعطتنـي وصقلت رجولتي وثقافتي لأنّ أوّل عملٍ اخترته مهنةَ لي هو التعليم . وكان ذلك عام 1950 في القامشلي.
كُنتُ مُعلّمـاٌ في مدرسة الكـلدان الخاصة. ولم أكن وقتذاك أحمل إلاّ شهـادة السرتفيكـا.
ثـمّ علّمْتُ في مدرسة السريـان الكـاثوليك الخاصة مُعلّمـاٌ ثـمَّ مديراٌ. وتنقّلْتُ في المدارس الرسمية ـ الحكومية ـ ابتدائة واعدادية وثانوية مُعلّمـاٌ أو مديراٌ أو قـائد كشّاف.
حيثُ نظّمْتُ في كلّ مدرسةٍ ابتدائية فرقة كشفية . على نمط الفوج الكشفي لمدارسنا السريان في القامشلي .
وانتُخـبْتُ عضواٌ لمجلس أوّل نقابة للمعلمين تُحْدثُ في سوريـا وساهمتُ في وضع قانون صندوق التكافل الاجتماعي للمعلّمين. وهو ساري المفعول حـتّى اليوم .
ثُـمّ عملتُ في سلك التفتيش ــ التدريب المستمر ــ أي تدريس المعلمين والمعلّمـات الطرق المسلكية التربوية الحديثة في التدريس وتطبيق ذلك في الصفوف مسلكيّـاٌ بعد الخضوع لدورات تدريبية والنجاح فيهـا .
قضيتُ في هذا العمل خمسة أعوام وكانت السنوات الأخيرة من عمري في سلك التربية والتعليم ؛ قبل الانتقال إلى سلك المحاماة .
وقد مُنحتُ عدداٌ من الثناءات من السؤولين في وزارة التربية والتعليم .
لي عدد من المحاضرات أَلتربوية أَلقيتهـا في المراكزالثقافية ‘ أو نشرتها في مجلّة المُعلّم العربي..
[التعاون بين البيت والمدرسة ] مُحا ضرة كتبتهـا وألقيتهـا في المركز الثقافي في القامشلي يوم 15 /4 / 1965 .
و في المركز الثقافي في مدينة المالكـيّة يوم 10/ 3 / 1966 .
[ دور المدرسة في المجتمع ] أَلقيتهـا في المركز الثقافي في القامشلي يوم 5 / 12 / 971 1 . وكان غالبية الحاضرين لهذه المحاضرات من السادة المعلمين ‘ وأولياء الطلاّب .
السؤال 7 :
بما أنّك تدرّجْتَ وتنقلْتَ على مدارس الجزيرة واستلمْتَ هذه المناصب ولك خبرة واسعة وغنية جدّا .
أولا : كيف تُقيّم التعليم بشكل عام في الوقت الحاضر وماذا تنصح به ؟
ثانيا : بماذا تنصح المعلمين والطلاّب ؟
لقد تركت التعليم منذ زمنٍ بعيد. لذا قد لا يكون تقييمي في الوقت الحاضر دقيقاٌ. لكن برأيي أن يكون التعليم مواكباٌ للعصر وحضارته ومدنيته وحاجاته ومُتطلّبـاته المادية والمعنوية والتعليمية والصحيّة والحياتية ...
أمّـأ المعلمون فهم حملة أسمى رسالة ــ رسالة التربية والتعليم ــ وهذا برأيي أرقى موقع وأسمى مكانة لو حافظ المرء عليها . ففيهم قيل :
قُم للمعلّم وافّه التبجيل ............ كـاد المعلّمُ أن يكون رسولا
أمـّا الطلاب عليهم أنْ يتسلّحوا بالعلم والمعرفة وينهلوا من هذا النبع الكريم الفيّاض الثر لحياتهم ولتأمين مستقبلهم. ليكونوا فعّـالين مثقفين خيّرين في مجتمعاتهم... تحقيقا لقول مار أفرام السريانــي :
"اللهُـمَّ امنح علمـا لمن يحبُّ العلمَ واجعل المعلم الذي يُحسن التعليمَ عظيمـا في ملكوتـك"
السؤال 8 :
أنت كحقوقي لم تمارس مهنة المحاماة إلاّ بعد فترةٍ طويلة. لماذا؟ وكيف بدأت بهذه المهنة؟ وكم كانت الاستفادة من التعليم في ممارسة مهنة المحاماة؟
انتميت إلى سلك المحامـاة وسجّلًتُ في نقابة المحامين عندمـا رأيتُ أنّ الوقت المناسب قد حـان لذلك .
أمـّـا الاستفادة من التعليم والتربية في المهنة الجديدة. لا أعرف بالضبط مدى هذه الاستفادة؛ إلاّ أنّـني أذكر كلام أحد السادة القضاة وكان رئيس محكمة البداية في القامشلي. كان يقول أكثر من مـرّة للزملاء الحاضرين :
"من يقرأ مُذكرات ودفوعات الأستاذ عبدالكريـم في مرافعاته ووصفه الحقوقي لمجريـات الدعوى. يلمس أنـّه يُدخل التربية في مهنة المحاماة. وهذا واضحٌ في دفوعاته عن موكليه‘ أو طلبات الحكم له في دعاويه. مُسْتخدمـا اسلوبا وكلماتٍ وصياغة تربوية حتّى في طلبه الحكم له على خصومه في الدعوى". هذا قوله هو .!
أمـّا أنا فلا أعرف حقيقة كيف كان اسلوبي يتميّزُ عن اسلوب الزملاء .
السؤال 9 :
كُنًتَ تهتمّ بالتراث الأزخيني والسرياني . فماذا قدّمْت بهذا الخصوص؟
( أقصد تحديدأ القاموس الأزخيني ). ومـا هي الفائدة من ذلك ؟
نعم كنتُ ولا أزال .!! فمن يتصفّح آخر كتاب لي بعنوان ( أبواب عديدة ) يجد فيه بـابـا خاصّا بعنوان [ بـاب آزخ والتراث ] فيه نماذج قليلة جدّا من كتاباتي عن آزخ :
آ ــ آزخ بيت زبداي .
ب ــ بلدة من بلادي العريقة تُصبحُ موضوعاٌ لنيل الماجستير بجامعة أُوربيّة .
ج ــ مقدّمة قاموس في اللهجة الأزخينية . والتعليق على القاموس.
وأذكر في أُمسية أزخينية سريانية في { نورشوبنك } ــ السويد يوم 31 / 5 / 2003 / دُعيتُ للتكلّم عن آزخ ولهجتهـا والقاموس فافتتحتُ المحاضرة بما يلي :
قبل حضوري إلى هنا المكـان التقيتُ بصديق أُعزُّه واُقدره جدّاٌ . أُستاذ مُثقّف يحمل شهادةَ جامعية عليا. له مركزه في الحزب والدولة. قال لي مُتسائلاٌ :
مـا هذا يا أستاذ ؟..آزخ. . آزخ ..أراك تتكلّم بحماسٍ في ذكر آزخ والأزخينية .
عملتَ قاموس في اللهجة الأزخينية ..أُمسية أزخينية . .ندوة أزخينية . .
هل تريد أن تعمل من الأزخينية قومية ؟!!
وهل الأزخينية حقّاٌ قومية .!!!
وهل تريد أن نترك القومية ... .. ونأخذ القومية الأزخينية لترتاح؟؟
وشدّد على كلمة ( لترتـــاح ) مـازجا سؤاله الأخير هذا بشئٍ من المزاح اللطيف؛ وهو يبتسمُ .
وجوابي على هذه الأسئلة هو كمـا يلي :
سألوا إحدى الأُمَّهـات التي كانت قد اشْتهرَتْ بمحبّة أولادهـا والتفاني الشديد في سبيلهم : أيُّ ولدٍ من أولادكِ أقرب إلى مُهجتكِ وقلبكِ ؟ .
فأجابت الأُمُّ :
ـــ الصغير حتّى يكبر .
ـــ المريض حتّى يشفى .
ـــ الغائب ـ البعيد ـ حتّى يعود .
وأنـأ أقول جوابـاٌ على الأسئلة السابقة :
لا . . الأزخينية ليست قومية ....
وآزخ حكمهـا كحكم أخواتها :
ـــ أنطــاكيا والرهــا .
ـــ القدس وبيت لحم .
ـــ مجدل شمس والجولان .
أمـّا الجواب على ما أنت تُنوّه بقولك :{ أقصد تحديدا القاموس الأزخيني } وما هي الفـائدة ....
فهذا ردّي :
تكون الفائدة عادة. مادّية أو غير مـادّية.
أوّلاٌ ــ فمن الناحية المادية : صدّقني لم أجنِ‘ أو أحصل على أيّة فائدةٍ مادّية. بل بالعكس فقد طبعتُ الكتاب كلّ النسخ وجلّدتُ بعضهـا تجليداٌ فنّياٌ على حسابي الخاص وقدّمتُهـا على سبيل الهدايـا مقرونة بالمحبّة والتقدير والاحترام؛ لصاحب غبطة. ولأصحاب نيافة. ولأساتذة بروفسّوريه يـُدرِّسون في جامعات أوربية يهتمّون بالمشرقيّات واللغات الشرقية . ولكتّابٍ وشعراء وأُدبـاء. ولزملاء محامين وقضاة. ولأصدقاء وأحبّةٍ. أحبُّهم وأحترمهم. وأنت واحد منهم .
ثانياٌ ــ الفائدة غير المادّية :
يكفي أنَّ أكثر من جامعة أوربية يتواجد القاموس في أرشيفها في مكتبتها بين مُقتنياتها ومراجعها العلمية اللغوية. ويُعتمدُ كمرجعٍ هـام في أُطروحات بعض الطلبة. كما جاء على لسان الطالبة مونيكا شيمانسكا خريجة جامعة بوزنان البولونية ــ الجامعة التي تخرّجْتَ منها أنتَ وابن عمّك فادي بشيرــ
في مقابلةٍ معهـا :".. وكان لي فرصة التعرّف على المحامي عبد الكريم بشير ألذي أعتبرُ كتاب قاموسه الأزخيني أحد أهم مراجع رسالتي في نيل درجة الماجستير."
{ مجلّة شروغو عدد25 لعام 1997 }
كما كان أحد المراجع في كتاب الباحثة الألمانية الكبيرة مشائيلا فيتريش Michaela Wittrich
وعنوانه: (Der arabische Dialekt von AzeX)
ولتقييم هذه الفائدة أقتطفُ بعض النفحـات العطرة من تقييم بعض السادة المعلّقين على الكتاب .
1 ــ نظرة خاطفةعلى قاموس في اللهجة الأزخينية للمحامي عبد الكريم بشير { ألأب الدكتور يوسف سعيد السويد }
"...أيّهـا العزيز عبد الكريم ! لا شك أنّ محبّتك وتعلّقك بهذه اللهجة التي تُعتبر تراثاٌ نفيساٌ عن الآباء والأجداد البررة دفعك إلى تخليدهـا في هذا الكتاب؛ دفعاٌ عنهـا عوامل النسيان وقوارض الفناء. باذلاٌ جهوداٌ كبيرة طوال هذه السنين دون التفكير والحصول على أ يّ ِمكسبٍ مادّي . بل بالعكس مُـتحمّلاٌ تكاليف العمل النبيل. وهذا لعمري مُنتهـى الشيم النبيلة . فاستحقيتَ منّا جميعاٌ الثناء والشكران."
{ من كتاب أبواب عديدة ص 83 }
2 ــ جاء في مقالةٍ لنيافة المطران أوكين قبلان. نُشرت في المجلّة البطريركية العدد 100 كانون الأول 1990 .
"... وقد أحسن الأستاذ المحامي عبد الكريم بشير بجمعه اللهجة الأزخينية في هذا القاموس القيّم والفريد من نوعه ليحفظ للأجيال القادمة هذه اللهجة التي تكاد أن تنقرض .
والمجلة البطريركية تُهنّئ الأستاذ عبد الكريم على هذا الإنجاز الثمين . وتتمنّـى أن يُطبع الكتاب بمئات النسخ لتعمَّ الفائدة ..."
3 ــ وكتب الأديب الشاعر الكبير جرجس ناصيف في كتابه ( عبدالكريم بشير في أوراقه ) .صفحة 38 :
"... ولهذا نراه يُحاول أنْ يُحافظ على لهجته . وأنْ يمنع عنهـا قوارض الفنـاء . فيُخلّدهـا في معجمٍ يصون ألفظها. . .
وإنّ محاولة الأُستاذ بشير في صون هذه اللهجة من الفناء عمل كبير يُشكر عليه ..."
4 ــ وقال البروفسور الدكتور ميخائيل عبد الله أُستاذ المشرقيّات في جامعة بوزنان ـ بولونيـا ـ في رسالته المؤرّخة في 22/ 2 /1996 :
"... مُنذ استلامي قاموسك .كُنتُ أترقّبُ لحظة أكتب لك شاكراٌ على هذه الهدية الثمينة . . . . فعلاٌ هو عمل يستحقُّ كاتبه كلَّ التقدير والثناء . وهو جدير كغيره من المواضيع العلمية بالدراسة والتحليل ...
ورُبّـمـا جهودك هذه يـا أُستاذ عبد الكريم هي التي ألهمت قافلة الكتّاب الذين سلكوا نفس الطريق . فكانت لهم بمثابة البذار والخميرة ..."
5ــ وكتب الكاتب والأديب القدير الأُستاذ لحدو اسحق :
"... أتحفتني بقاموسك اللهجة الأزخينية . . فكان أكبر هدية وصلتني حتّى الآن ‘ وأكبرتُ فيكم الجهد المبذول من أجل إحياء هذه اللهجة التي هي جزء من تراثـنا اللغوي .. فكنتَ كبيراٌ في عملك . عظيمـاٌ في تفكيرك . فجاء القاموس مُلبّياٌ حاجات القرّاء والدارسين . وسدَّ فراغاٌ كبيراٌ في المكتبـتين العربية والسريانية ..."
أكتفي بهذا القدر لعدم الاطالة .. وألتمس العذر ممّن كتب أو علّق أو حلّل ولم يردْ ذكرُهُ .
السؤال 10 :
ما هي الطموحات التي كنت ترسمها لمستقبلك منذ الطفولة .
اذكر مـا تحقّق منها وما لم يتم تحقيقه؟
ألحُّ طموحاتي وأهمّـها كان أن احصل على كمٍّ من الشهادات الدراسية العلمية. لأنني كنتُ وما زلتُ أعتبر أنَّ العلم والتعلُّم أعظم درعٍ للوقاية‘ وأقوى سلاحٍ للدفاع‘ وأنجع وسيلةٍ للوصول إلى الأهداف الخيّرة والنافعة ... والمانحة ...
وإنّني على قناعة ويقين : أنّه ما من مقـام ٍ أو مركزأو منصبٍ مهما سما لا يعلو على مقام العلم والعلمـــاء.
بعد نيلي الليسانس في الحقوق العامة من جامعة دمشق سجّلتُ للدراسة بقصد الحصول على درجة الماجستير في الحقوق الدولية ــ القانون الدولــي ــ. ومن ثـُمّ الحصول على مرتبة الدكـتورا في هـذا الاختصاص . لكن تطلّبت الدراسة في هذا الفرع :
آ ــ عدداٌ مُعيّناٌ من الدوام وحضور المُحاضرات . وهذا يصعب عليَّ تحقيقه .
ب ــ لغة أجنبية عالية نوعاٌ ما. حيثُ أنّ أغلب المحاضرات كانت بالفرنسية. وبما أنَّ دراستي كلّهـا كانت حرّة ...
فاضطررتُ للانسحاب بعد تسديد القسط الجامعي الأول. لكن انسحاباٌ خجولاٌ ...
أمـّا الهدف الملحاح والوحيد الذي كنتُ أطمحُ أن أصل إليه‘ وأنجحُ في تحقيقه في مجال العمل والحياة. هو أنْ اُدرّس أحد أولادي الحقوق . ومن ثمَّ يصير مُحامياٌ. أُدرّبُه في مكتبي‘ ويخلفنـي في إدارة واستلام مكتبي وقضايا موكليني ودعاويهم‘ وأن يأخذ مركزي حاملاٌ عنّـي العبء ...
إلاّ أنَّ ذلك ــ ويــا للأسف الشديد ــ لم يتسنَّ لي تحقيقه ... فكان ما كان ...
السؤال 11 :
متى وكيف اتّخذْتَ قرار الهـجرة ؟ وهل كانت هناك صعوبات في الوصول إلى ألمــانيــا ؟
يُمكنك استنباط الاجابة على هذا السؤال من فحوى اجابتي على سؤالك الأخير الفقرة د : دمشق تحديداٌ فقرة ( مطار دمشق ) .
السؤال12 :
أنت تمارس الكتابة منذ زمنٍ بعيد . هل تُحدّثنا في أيّ مجالٍ كنتَ تكتب واليوم أيضا... وحدّثْنا عن حياتك الأدبية‘ منذُ متى تكتب؟
أنـا أكتب منذ زمنٍ بعيد وقد كتبتُ في جميع المجالات تقريبـاٌ ولكي لاأُطيل الشرح. أورد فقط مقطعـاٌ من الصفحة 7 من كتاب عبد الكريم في أوراقه للأديب والشاعر جرجس ناصيف :
"... كان يكتب القصّة والمقالة ... ولا أعرف مجلّة سورية لم تنشر له مقالة أو قصّة أو تعليق.
قرأنا له في الخمسينيات والستينيات في مجلة الجمهور الحلبية قصّة
(حكم القدر) و (الدين والحب). وفي النقّاد الدمشقية قصّة بعنوان (مـاما) وفي مجلّة السنابل الحلبية قصّة (المجنون) وفي مجلّة دنيــا الدمشقية قصّة طريفة بعنوان (دنيــا) وفي مجلّة الخابور قامشلي (الصيف هذا المجرم) و (شجرة العيد) وفي جريدة الجزيرة مقالاٌ بعنوان (الأدب هل يُشبعُ حبزأٌ ؟) وفي جريدة الرأي العام مقالاٌ بعنوان (إلى ولدي). وفي مجلة المعلم العربي دراسة قيّمة عن دور المدرسة في المجتمع. وفي مجلّة الشبيبة العاملة المسيحية البيروتية مقالاٌ بعنوان (التمدّن والشباب). عام 1953 ...
كان يضع روحه في كلِّ مـا كان يكتبه ..
لم يتفرّغ للأدب ... ولم يكن الأدب عنده أكثر من موهبة..."
.وجاء في الصفحة 52 من هذا الكتاب ما يلـي :
"وإذا كان الأدب عملاٌ أو مهنة عند كثيرٍ من الأُدبـاء. فهو عند عبد الكريم بشير هواية. يُحاول بهـا أن يُحقّق ذاته‘ ويفصح عن بعض مكنونـات نفسه ...
ومن يقرأ هذه الأوراق. يحسُّ أنَّ عبقرية أدبية فذّة كان يُمكن لـها أن تظهر. لو أعطى صاحبهـا لهـا اهتماماٌ وممارسة كـافية .
أرجو أنْ تكون هذه الفقرة الصغيرة قد غطّت سؤالك يــا دكتور !!
السؤال 13 :
مـا هي أهداف قلمك من تدوين الحرف ؟
تحقيق الذات ــ تنمية الحس الفكري ــ الأدب ــ الثقافة ــ المعرفة ــ
الحقيقة التي أُؤمن بهـا ــ نشر الكلمة ــ السمة الإنسانية ــ المعــاناة ــ التعبير عن المعانـاة ــ صقل الشخصية وتهذيبهـا ــ حفظ التراث ــ الاعتزاز بالتراث ــ و... و...
السؤال 14 :
هل لك علاقات مع مؤسّساتنا الثقافية والأدبية السريانية. وهل شاركت في منتديات وندوات أدبية ثقافية. أين ومتى؟ .
ألقيت عدّة محاضرات . منها في الوطن ومنهـا في المهجر . ففي المهجر ألقيت عددا من المحاضرات منها الاجتماعية . والقانونية . والتراثية والثقافية . في نوادينـا كما يلي :
في ألمانيــا ـ فيزبادن ـ يوم 18/ 3/ 1993 / في أحد النوادي السريانية . وكذلك يوم 23/ 11/ 2003 / في نـادٍ آخر.
في هولندا ــ آنشخده ــ يوم 13/ 11/ 1996 / .
وفي تانستا ــ السويد ــ يوم 8/ 8/1994 /
وفي نورشوبنـك ــ السويد ــ يوم 31/ 5/ 2003 / .
وفي رنكـبي ــ السويد ــ أيضا وكانت المحاضرة بعنوان
[ نور السريان ] في ندوة يوم 7/ 5/ 2003 / . مع نخبة من المشتركين في الندوة . أذكر منهم بكل اعتزاز الشاعر صبري يوسف. في الصالة التي. كانت مزدانة بمعروضات الفنّان التشكيلي كــابي سـاره ولوحاته ورسوماته .{ اوجه لهما عن طريق موقعكم بهذه المناسبة التحية الحارة } .
لقد أُسعدتُ جدّا بزملاء. وأحبّة وأفاضل حضروا الندوة. ومنهم الأُستاذ مـاتين شمعون. والملفونو كبرئيل سلطانه وأفرام كبرو وألياس يعقوب ... وغيرهــم ... كما حررتُ بَاباً بعنوان { اخترتُ لك } في مجلة شمشو التي كانت تصدر في هولندا ـــ آنشخده ــ وكذا في مجلة شروغو التي كانت تصدر في فيزبـادن ــ ألمانيا ــ ونشرت في هذا الباب عددأ كبيرا من التراث ورجالاته. الدينية والعلمية من علماء وفلاسفة وعظماء السريان .
كما نشرتُ سيرة البعض وعظمتهم وكتابات البعض الآخر.
وكنتُ سأستمرُّ في الكتابة عن المشاعل الثقافية العلمية والحضارية وهي تتلألأ في مكانها اللائق لتنير وتضيئ للأجيال القارئة والأجيال القادمة
والتي يُخشى أن يأتي اليوم ... إلاّ انّه للأسف توقّفت هذه المجلاّت عن الاصدار .لأسباب قد أكون لا أعرفهــا .
السؤال 15 :
للهجرة سلبيات وإيجابيات . وما هو دورها في مستقبل السريان ؟
للهجرة فلسفة أزلية : إيجابيات وسلبيات. ودورهـا يتوقّف على المهـاجرين أنفسهم ... سلوكهم . طموحاتهم . خلفيتهم . مسلكهم . وظروفهم العلمية والثقافية والاجتماعية. أحوالهم المـادّية وكذا أدوارهم في هذه الحياة
السؤال 17 :
مـا هي أهم المحطّات الحاسمة في مسيرة حياتك ؟
المحطّـات الحاسمة أصبحت ذكريـات. ذكريـاتٌ عبرتْ أُفقَ خيـالي..
( ذكرياتٌ داعبت فكري وظنّي، لستُ أدري أيّـهـا أقربُ منّـي )
لذلك يمكنك استنباط الجواب على سؤالك هذا من اجـابتي على السؤال الأخير تحديدا فقرة هـ فيزبادن
السؤال 18 :
آ ـ ماذا تعني لك كلمة السريــان ؟
ب ـ وما هو مستقبل السريان بعد كل ما يجري حولنا في هذا العالم ؟
جواب الفقرة آ ـ :
1 ــ عاطفيّا . وروحانيّا: نفحة الإيمان القويم .
2 ــ اديولوجيّا وتاريخيّا: الأصل والجذور .
3 ــ جغرافيّا وحضاريا: ســــــــــــوريــا
استنادا إلى الحقيقة التاريخية وفيها قولان :
القول الأوّل : سُميت سوريّا بهذا الاسم نسبة إلى السريان سكّانهـا الأصليين
القول الثاني : سُمى السريان سريانا نسبة إلى سوريـا أو أسّيريا التي سكنوهـا منذ زمنٍ بعيد .
جواب الفقرة ب :
المستقبل في علم الغيب. ومعرفة الغيب عند الله.
وحريٌّ بنا نحن أن نتفاءل ... ونتفــاءل ... . ولكن :
( على قدر اهـل العزم تـأتـي العـزائـم . )
السؤال 19 :
للكنيسة السريانية دورٌ كبير في الحفاظ على التراث واللغة السريانية .
كيف ترى هذا. ومـا هو دورهـا اليوم في مستقبل الأمة السريانية؟
لا مجال لنكران هذه الحقيقة. وهذا الدور الرائد والمصيري للكنائس والأديرة في حفظ اللغة السريانية من الاندرثار هذا أقل مـا يُقال في هذا الشأن وأنت قد لا ترى أُمّـة ممزوجة مع كنيستهـا أكثر من الانـدمـاج الموجود بين الأمة السريانية والكنيسة ...
والأمثلة عديدة. لا مجـال لتعدادهـا هنـا ... كان آخرهـا الموقف من مسألة ذكرى سـيفـو. أو في المواقف في مراسيم تـأبين‘ ودفن أحد رجالات الأمة السريانية المرحوم اسكندر ألبتكـين .
أمّـا في الحاضر . فبرأيي أنّ الكنيسة ليست جرسية أو مكان وحيطان ... بل هي شعب . أعضاء . أفراد وجماعات. و مؤسّسات . . .
هـي أنـا . . وأنتَ . . و هو. . وهـيَ ..
إذاً على هؤلاء يتوقّفُ الدور في العمل المثمر والنشاط والتنظيم والعطاء . للحفاظ والتقدّم والنمو والازدهار. أو التقهقر والتلاشي ... أو حتى الضياع .
لكن قلْ لي مـا لكَ !! سؤالك هذا وغيره فرض استفسارا وتعليقا أرجو أنْ لايكون ثقيل الظل.
مـا لك يـا حبيبي ؟ كأنَّ جلدك لايسعك وأنتَ ممتلئ نشاطا وحيوية ... تلتهب حماسا للطائفة . للكنيسة. للسريانية. للمؤسّسات الدينية. للاهوتية. للكهنوت...
ــ عزمْتَ وتعلّمتَ التكلُّم اللغة السريانية وهذا شيئ رائعٌ حقـّا .
ــ حفظْـتَ خدمة القدّاس وأصبحتَ شمـّاسـا... ينقصه الرسامة والهرّار ...
ــ نظّمتَ جوقة تراتيل في كنيسة مدينتك؛ من أعضائهـا زوجتك وبناتك .
ــ حاولتَ جمع أقوال و تعابير المسيح السرمدية وبعض الابتهـالات له بصيغة صلاة . في كتابٍ تريد اعتماده للطقس الكنسي والصلاة به في الكنيسة. مع العلم أنَّ أيّ كتابٍ أو كرّاسٍ يُعتمد للصلاة والطقس الكنسي . يجب أنْ يحصل على موافقةٍ مُسبقة من راعي الأبرشية .
ــ أخذتَ تنشط في طلب استضافة هذا المطران ... وترافق ذاك في تنقلاته. مُحتكّـا برجال الدين. مُناقشـا البعض ومُحاورا ...
ــ ربّيت لك لحية مودرن ــ سكسوكة حلوة ــ تناسب رجل الدين العصري . وتزيد في الوقار . .
ــ تُراسل السنودس المُقدّس . وتُقدّم اقتراحاتٍ تراهـا بنّاءة ومُفيدة
[ رسـالة مفتوحة إلى المجمع المقدّس لعام لعام 2009 ]
تُخاطب أصحاب النيافة بكلماتٍ صيغـها لاهوتية تعوّدْنا سماعهـا من أصحاب المراتب الكهنوتية كقولك : "كيْ يحلّ عليكم روح القد س"
وتنشر بركـاتك كقولك : "الربُّ يـُبارك حياتكم".
ــ تطلب الحفاظ على العقيدة المسيحية .
ــ تطالب إعادة النظر في المنهاج الدراسي اللاهوتي .
ــ تقترح نظما في الأُمور المالية تتفقُ مع حسنات النظرية الماركسية . كقولك : "المـال هو أصل الشرور."
صدّقنـي توقّعتُ أن أقـرأ في ختام رسالتك هـذه العبارة :
{ امضوا بسلام و أ نتم فرحين مسرورين وصلـّوا لأجلـي }.
إذاً شو قصًـتكً يـا حبيبي ؟ ؟
ليْـكُونْ بدّكْ تصيرْ قَـسْ ... أو ... وأنا مـا عندي عِلمْ !!
أم أنّ الاندفـاع للعمل الخيّر شيمةٌ وراثيةٌ ورثْتها عن ابن أخي المرحوم والدك الأستاذ حنا شيعا الذي كـان كُـلَّـه غيرة ونخوة ... ليُقـال : "الخلّفْ مَـا ماتْ."
أمْ أنّ ذلك لتزيد اعتزازنـا بشخصك‘ وبهذا النشاط الدؤوب ؟؟
السؤال 20 :
أنت كمحامي سـابق لأبرشية الجزيرة والفرات. مـا هـي :
1 ــ المهـمّـات التي قمتَ بهـا من أجل الكنيسة ؟
2 ــ الصعوبات التي كانت تتلقّـوْنهـا ؟
1 ـ المهمّـات: كنتُ أقوم بهـا بموجب مـا كان يتطلّبُ موقـعي كمستشار قانوني. وأقوم بـأداء عملي كمُحـامي يعرف واجبه. ويعرف مُتطلّبات الموضوع فيُنفّذهـا بجرأةٍ وإخلاص لصالح الأبرشية. غير آبهٍ لأيّ اعبارات أخرى. وقد يكفي أن أذكر هنـا ما جاء في السطرين الأخيرين فقط من شهـادة الأبرشية الخطّية المؤرّخة في /21 /6/ 1990.
"... ويمتاز بالخبرة الواسعة في القانون. وبـالصدق والأمـانة في عمله وحسن التزامه برسالته السامية ‘ودفاعه عن الحق."
{ عن كتاب عبدالكريم بشير في أوراقه . ص. 11 }
2 ـ الصعوباـت :بصراحة أنـا لمْ ألاق أية صعوباتٍ تستحق الذكر في القيام بعملي القانوني ومُهمّاتي القضائية. لأنّني كنت أعمل ضمن الأُطر القانونية المُتّبعة كمُحامٍ واثق من نفسه و من معلوماته. مُنطلقا من هسٍّ وضمير سرياني وإنساني حـَيّ. وقد عاصرتُ عددا من مجالس الملّة المُتتالية ... كانوا كُـلّـهم . ــ لا أُريدُ أن أذكر الأسماء ــ كـلّهمْ في مُنتهى الاخلاص والاندفاع والتسابق للعمل المثمر لخير الأوقـاف والطائفة والكنيسة .
وفي مُنتهى النزاهة ونظافة اليد والفكر والقلب لهم منّي جميعأ أينمـا كانوا التحية والاحترام والتقدير.
السؤال 21 :
أنتَ ممنْ لهم شغف كبير في حب المطالعة والقراءة. فهل تلبي هذا الشغف من الأنترنيت؟ مع علمنا انّك نادرا ما تكتب في الأنترنيت .
وكيف تنظر لمواقعنا السريانية. وما هو دور الأنترنيت في توصيل الكـــلمة؟
نعم أنـا من المولعين في حب المطالعة والقراءة. وأُحب أن تكون المطالعة بتعمّق وغير سطحية لذلك أضع أثناء القراءة خطوطا بقلم الرصاص أو اللون الفوسفوري تحت الكلمات الناتئة أو التي أراهـا مهمة .
وقد مارستُ المطالعة منذ زمن ... قراتُ كتبا ومؤلفات عديدة. وعديدة جدّا لأُدباء عرب وسريان كمؤلفات جبران وميخائيل نعيمه وجميع روايات جرجي زيدان وطه حسين ونجيب محفوظ ... ولأُدباء أجانب كمـكسيم جوركي وجان بول سارتر وفيكتور هيكو وشكسبير... ولأبطال الثورة الفرنسية :فولتير وروسو. ولأُدباء المهـجر. والكتب السياسية "كفاحي لهـتلر ومذكرات الجنرال ديغول وعن غاندي وجواهر لان نهرو وغيره...
كمـا أنا من قرّاء الأنترنيت وإن كنتُ لا أكتب فيه إلاّ القليل. لكن أُمضي ساعات وساعات وأقرأ في جميع المواقع التي تهمّنـي .
أصبح الأنترنيت أعظم وأسرع إعلام و ايصال الكلمة والمعلومـات وهو خزّانات معلوماتية هـائلة ... لذلك فقد اتّجه الرأيُ مؤخّرا إلى منح الأنترنيت جـائزة نوبل لدوره الكبيروالفعّـال في مناحي الحياة .
والدراسات الآن تدور بشأن من يتسلّم هذه الجائزة لاسيّمـا القسم المادي .
ومن صميم قلبي أتمنّى أن يتسلّمهـا موقعكم وأعضاؤه الكرام ..!!
مع هذا فهو ذو حدّين : سلبـي وإيجابـي .
وتتوقّف الافادة والإستفادة منه على الكتاب فيه والناشرين وأصحاب المواقع والقرّاء .
السؤال 22 :
أنت كمُحامي ذو خبرة كبيرة‘ ماذا تقول عن تشكيل برلمان سريـاني عـالمي وكيف ترى ذلك .؟
أقول :يـا ريــــت.!!!
لكن لمن نترك التناحر والتقاتل والجدل البيظنطـي على الاسم والتسمية ..؟؟
أرجع وأقول : يـاريت !! .. مع علمــي :
" ومـا نيلُ المطا لبِ بالتمنّـي ........ ولكِنْ تُؤخذ الدنيا غلابـا "
السؤال 23 :
إنّنا لا نرى لوبي سرياني‘ ما هو دور المؤسّـسات والشباب لتشكيل وتقوية لوبي سرياني عــــالمي؟
لوبي !! لوبي كلمة كبيرة ومُسيّسة ... عن أيّ ِلوبي تتكلّم يـا عزيزي ؟!!
اللوبي حتّى يكون لوبي؛ لا بدّ أن يكون له أرضية أو خلفية رأسمالية كبيرة ... أو أهمية اقتصادية محلية أو عالمية . أو تأثير اجتماعي مُهم أو اقتصادي أهم في محيطه على الأقل . أوشخصيات مُـهَيْمنة على مناصب مُهمة فعّالة .ترفع .تهبط .تُعلّي .تُنزّل. أو ذو تأثير فعّال في المجتمعات ـ ماليا أو سياسيا أو اجتماعيّا أو تنظيمياـ ..
قـلْ لي كم عدد الذين يملكون المصانع أو المعامل أو الشركات الكبيرة من شعبنا ؟!!.
كم واحد عندنا في مناصب هـامة على المستوى العالمي تطول يدهُ ؟!! كم واحد عندنـا في منصبٍ رفيع عـالٍ .محلّي اوعـالمي .. وأين ؟!!
كم عندنا واحد في حزبٍ حاكم في دولةٍ واين ؟ أو في حزبٍ معارض له وزنه في اتِّخاذ القرار .!!
كم عدد الذين يُعدّون من صنّاع القرارات من شعبنـا ؟ وأين.؟!!
إذن عن أيّ لوبي تتكلّم ياحبيبي ؟؟ !!
شعبُنـا صحيح طيّب المنبت .. عريق..أصيل .إلاّ أنّـه مٍسكــــين..
صدقني شعبنا مسكين... مسكين بدءا منّـي ومنّـك وإلى . . . ..
السؤال الأخـــير 24:
ما ذا تعني لك الكلمـات والأمــاكن التالية ؟ :
آ ـــ آزخ .
ب ـــ ديريــك .
ج ـــ قامشلــي .
د ــ دمشــق .
هـ ــ فـيزبـادن .
آ ـ آزخ :
ـــ مسقط رأسي. فيهـا شاهدتُ الحياة‘ وأصبحتُ من عداد هذا العالم
ـــ هي عرين هؤلاء الأشاوس الذين سطروا الملاحم البطولية في الدفاع عن الوجود والبقاء والعزّة والايمـان ... ولولا ذلك لما كُنـّا نحن موجودين أحيـاء نُرزق؛ وهم يتعرّضون للاضطهـاد والإبادة .
ــ هي حافظة رفاة أجدادي. وفي حوش كنيستهـا { كنيسة عزرت آزخ } وتحت الشجرة العتيقة تنعم رفــاة والدي في قبره.
ــ فيهـا خظوتُ أُولى خطواتي‘ ونطقتُ أُولى الكلمـات.
ــ في أزقّتهـا الهادئة الآمنة لعبتُ ومرحتُ. محروساّ ومشمولا بعناية عزرتها. ومن كرومها وجنائنهـا الغنّاء تغذّت طفولتي ونمت .
ــ فيهـا كانت أوُلى جلسة لي في مقعد الدراسة حيثُ تعلّمتُ الحرف اللاتيني التركي سنة دراسية في الصف الأوّل . ثُمّ هاجرتُ إلى القسم الآخر من بلاد مـا بين النهرين في القسم الموجود في سوريــا . وبالتحديد إلى ديريك ...
وإيفاء بحقّهـا عليَّ ومعزّتهـا في كياني . كتبتُ فيها وعليهـا الكثير . ونظّمْتُ
معجـمـا بلغّتهـا أسميته ( قاموس في اللهجة الأزخينية ) .
ولستُ الوحيد الذي كتب وتغنّى بعزّة ومجد آزخ ... بل هناك الكثيرون من أبنائهـا البررة. رأوهــا أو لم يروهـا ــ لا أريد أن أُعدد الأسماء ــ الشعراء شعرأٌ. والأُدبـاء نثرا. والمؤرخون تدوينا. والفنّانون نصوصاٌ وغناء ورسماٌ ونحتـا ... فاستحقوا التقدير والثنـاء.
ب ــ ديريك
مرتع الطفولة اليافعة‘ والمراهقة الشفّافة الحسّاسة .
ــ فيهـا تعلّمْتُ القراءة والكتابة .
ــ فيهـا عرفتُ نشوة وعذوبة أوّلِ نجـاح بتفوّقٍ وأنـا أحصل على أوّل
شهـادة عـامة ــ السرتفيكا ــ بدرجة الأوّل بين الناجحين في الجزيرة .
كُدْتُ أطير من الفرح؛ وانـا أسمع هذا الخبر. طبقا لقول عبد الحليم حافظ :
{ ... ملاقيش فرحان في الدنيا زيّ الفرحان بنجـاحو. }
ــ فيهـا وقفْتُ أوّل مرّة على خشبة المسرح. بالرغم من تواضعه آنذاك . لكنّه جعلني أحب التمثيل .
ــ فيها مشيتُ أوّل مشيةٍ كشفيةٍ كجرموز وكشّاف. ونمتُ في أوّل مُخيِّمٍ كشفي في ريفهـا الهادئ الآمن‘ وعلى ضفّة نهر دجلة .
ــ فيهـا هتفتُ لأوّل مرّة مع الهاتفين بكلمـاتٍ لم أكن وقتذاك أفهم معناها بالضبط . لكنني فهمتهـا فيمـا بعد :
{ انتداب ... استقلال ... الجلاء .. . شكري بك القوّتلي...}
ــ فيها أنشدْتُ مع المُنشدين أوّل مرّة نشيد : [ حُمـاة الدياري ...]
وفي / 17 / نيســـان أول عيدٍ للجلاء
.ــ فيهـا خفق قلبـي أوّل وأحلى وأرق خفقة حبٍّ . لفتاةٍ صارت فيما بعد حبيبتي‘ وشريكة حياتـي‘ أُم أولادي .( ام بشور العظيمة .. )
ج ــ القــامشلي :
مُنطلق عنان حياتي للعمل والعطاء مع الدراسة والتحصيل . . .
ــ فيهـا الانتقال من الشباب المبكر إلى صقل الرجولة. مُتدرّجـاٌ بخطواتٍ جريئة. وثقّة بالنفس .
ــ فيـها أمضيت غالبية عمري في الجد والعمل والبنـاء والتحصيل العلمي بشكل دراسة حرّة حتّى حصلْتُ على جميع شهـاداتي ...
وعلى ذكر البنـاء
ــ فيهـا بنيتُ بنايتـي بتصميم آساساتٍ قويةٍ تتحمّـل عددا من الشقق كي أخصَّ كلَّ ولدٍ من أولادي شقة . قبل تفشّي مرض الهجرة فيهم وفي الكثيرين من الشباب أمثالهم .{ يظهر كنتُ أحلم .!!!}
ــ فيهـا سمعتي . واغلب بصمــاتي ...
ــ فيها طلاّبي وزملائي.. وأصحـابي
ــ فيها مكتبي و مُوكّليني ..
ــ مع شعبهـا الطيّب الأصيل عشْتُ شبابي وسنوات العمر .
ــ في كنيستها ــ كنيسة مار يعقوب ــ تكلّلنـا أنا وعروستي .
ــ وفيها فرحتُ وأُسعدْتُ بإنجاب جميع أولادي .
د ــ دمشـــق.
دمشـق .. عاصمة من أوائل العواصم في العالم ...
ــ من جـامعتهـا حصلتُ على ليسانس في الحقوق .
ــ من معهدهـا التربوي حصلتُ على شهادة أهلية التعليم .
ــ في وزارة تخطيطهـا خضعْتُ لدورةٍ تدريبية بإشراف خُبراء من اليونسكو لإجراء عملية الاحصاء وعد السكّان. فطبّقتُ التعليمات ميدانيا في القامشلي. حيثُ تمّتْ أوّل عملية إحصاء وعد السكّـان بطرقٍ علمية حاسوبية في القطر السوري عام 1960 .
ــ في وزارة تربيتهـا خضعتُ لدورة تدريبية بإشراف خبراء تربويين من اليونيسيف. أجانب وسوريين لتعليم طرق التدريس التربوية الحديثة‘ وقمتُ بدوري بتعليم هذه الطرق والأساليب الحديثة للمعلّمين والمعلمات في القامشلي. بموجب دوراتٍ تدريبية مسلكية وتطبيقية في الصفوف سُمّيتْ وقتذاك ( التدريـب المستمر ).
ــ في نقابتهـا ــ نقابة المحامين ــ حصلْتُ على شرف العضوية‘ وهي التي منحتني مرتبة أُستاذ بالمحامــاة . أُحبُّهـا يا أخي أُحبهـا ...
ــ اُحب نبع برداهـا في سفح الزبداني؛ ونحن نقيم فيه المُخيّم الكشفي العربي ‘ ومخيّم القـــادة للكشّاف في صيف 1958 مدّة شهرٍ ...
ــ أُحبُّ زقـاق حنانياهـا. وبولس أعمى يتلمّسُ جدرانه مَضطربـا‘ يتمتم بجزعٍ وخوف : من أنتَ يا رب !! ردّا على السؤال الرهـيب : شاول شاول لمـاذا تضطهـدنـي ؟؟؟
ــ أُحبُّ مرجتهـا. والشهداء يتمرجحون بفخرٍ. تمرجح العزّ والوطنية والكرامة يوم 6 أيّـار في مشانق جمـال باشا السفّاح .
ــ أُحبُّ ميسلونهـا والبطل يـوسف العظمة يقف كالطود يزأر : لن تمرّوا إلاّ على جثـّتـــي ....
لكن والله أكره مطارهـا الدولي ... نعم أكرهه...أكره مُدرّجاته أكره سماءه..
ــ أكرهه وأنـا أودّع فيه ومنه ولدي الأول بشــور. يطير منه إلى السويد تاركــا دراسته للهندسة في جامعة حلب .
لستُ أعلم لماذا انتابني وقتذاك إحساسٌ مُخيفٌ. أنّ هذا أول معول هَـدْمٍ في صرحي ..وبوادر زلزالٍ يجرُّ هزّات . و...
كمـا لستُ أعلمُ كيف ورد في خاطري تـرديد العبارة الشهيرة : [ ذهب ولم يَعُدْ ] ــ ذهب مع الريح ... ــ لكن والله بصوتٍ مخنوق.
ــ ثـمّ جاء دور ابني الآخر الذي من هذا المطار وفيه ودّعته إلى بولونيا مُسافرا بقصد الدراسة . فراودتنـي مرّة أُخرى عبارة : [ ذهب ولم....]
ــ ثمّ جاء دور ابني الثالث الذي من هذا المطار وفيه ودّعته إلى ألمانيا .
وهنا صرختُ بانكسارٍ و بصوتٍ غير مسموع : و هذا أيضاٌ ذهب ولم يعد..
إذن لمن بنيتُ أنـا ؟؟ ..لمن عمّـرتُ وعلّيًتُ !!
ولماذا الأساسات التي تتحمّل عددا من الشقق لجمعهم !!!
وأخيرا ... أخيرا جاء اليوم الحاسم .. فمن هذا المطار ومن أرضه أقلعت بنا الطائرة قاصدة مطار فرانكفورد في المانيا .
هنـا حاولتُ جاهدا أنْ اضغط نفسي‘ وأن أُغـالب انفعالي الشديد وأحبسَ أيَّ دمعٍ. يُحاول أنْ يفلت. مُغطّيـا ضعفي أمـام من معي ــ زوجتي وبنتيَّ ــ ..
لكن للحقيقة والتاريخ أقرُّ أنّني بعد أن علوتُ فوق أرض المطار واختفى عن ناظريّ المودّعون. أحسسْتُ أنّ قلبي مُلتصق ٌبالأرض ــ في التربة ــ تحت. لايريد مفارقتهـا. وأخذتُ أشدّه نحوي. وكأنّـه كان مربوطا بحبل من المطّاط. فاقتُلعَ فجأة‘ وقفز إلى حلقي. وليس إلى صدري ...
أخذتُ أضغط حلقي وأتحسسُ حنجرتـي كمن يحسُّ باختناقٍ من معاناة حبل المشنقة. وحاولتُ أنْ اكتم شهيقي ... لكنّهُ فضحني ... فأطلقتُ العنان مُستسلما للدموع ... وأنـا اتمتمُ :
تـائهٌ قدْ هـزّهُ السفرُ ........ وهوَ بالترحـالِ يَنْتَحِرُ
يركَـبُ الأحْلامَ نحوى غدٍ ........ ضـائعٍ يلهـو به القدرُ
هـ ــ فيزبـادن wiesbaden
فيزبادن المدينة الجميلة. إحدى عرائس نهر الراين الخالد. هي عاصمة مقاطعة هيسن. فيـها أعيش منذ عشرين سنة‘ وهي وطني الثاني وأنا أُحبّهـا وأحمل جنسيتهــا وكذا زوجتي وأولادي.
ــ أحترم قوانينها. مُنْسجمٌ مع سكّانها. وأحسُّ بنشوة المواطنة المحترمة فيها.
ــ فيهـا احتفلنــا بعيد اليوبيل الذهبي لزجواجنـا بمرور خمسين عامـا.
ــ من رئيس بلديتهـا تلقّيْتُ بطاقة تهنئةٍ تحمل كلماتٍ رقيقة ٍ وعبارات تهاني لي ولزوجتـي مع هديّةٍ رمزيةٍ. حملهـا وقدّمها عنه مندوبه وهو يشاركنا هذه المناسبة .
ــ من رئيس وزرائها ــ رئيس وزارة مُقاطعة هيسن ــ تلقّيـْتُ ثناء وتهنئة ببطاقة جميلة بهذه المناسبة؛ أثـلجتْ صدورنـا وعزّزتْ من احساسنا بالمواطنـة
ــ هي محطّتـي الأخيرة وفيهـا أضع الترحال ....
ــ هي المحطّـة الحــــاسمة‘ والمُزْمـع ــ أقول المزمع ــ لأنّـه لايعلم الغيب إلاّ الله وحده ــ
أن تحتضن جثمـاني في تربتهـا الحنونة عندما يحلُّ القضاء ويصل قطار مشوار حياتي إلى المحطة الأخيرة ليقول :
[ لقَـدْ آنْ لـهذا الفـارسِ أنْ يترجّـلَ ]
أجرى المُقابلة الدكتور جبرائيل شيعا عبر الأنترنيت أيّـار 2010
والملفونو عبد الكريم يُرحّب بكلّ نقدٍ أو تعليق على مـا ورد في المقابلة على صفحات موقعـنا أوفي موقعه الخـاص (http://home.arcor.de/fbachir)
مع خالص تحياتي
[/size][/size][/color]
نص المقابلة :
أُسرة كولان سوريويي تُرحّب بك أجمل ترحيب وتُقدّم لك الأسئلة التالية.
يُرجى التفضّل بالإجابة عليهـا مشكـــورا.
قبل أن أبدأ بالإجابة .
لا بُدَّ من أن أشكركم وأشكر موقعكم ــ موقعنـا ــ كـُلّنا سريان لا لأنّكم أتحتم لنا الفرصة للكتابة فيه فحسب بل اشكر نشاطكم و أُثمّن جهودكم وتظافر تعاونكم في سبيل اخراج وتحرير وادارة موقعٍ أنترنيتـي قيّم يواكب التقدّم ويُماشي الحضارة العصرية. جعلتموه منبرا لمن يرغب أن يُعبّر عن آرائه أو يبسط بعض مكنونـات احساسه وأفكاره وخلجـات قلبه ...
هدفه نبيل‘ وغايته تراثية حضارية سامية. وأثني على جهـودكم وحماسكم وتواصلكم مع الشخصيّات الأدبية والثفافية والاجتماعية المحترمة ...
فرأتُ لهـم وقرأت عنهم في الموقع هذا واستمتعت بحضورهم , وأسعدتني فخراٌ شيَمُ الأصالة في الجميع. ــ الجميع دون استثنـاء ــ وفصاحة وبلاغة البعض‘ وحماس واندفاع الآخرين الزائد . فأُوجّـه لهم جميعاٌ التحية والتقدير عن طريق موقعكم. زُوّاراٌ كانوا أومُحررين أو مُعلّقين أو أعضاء أو كتّـاب أو قُرّاء...
سوف تكون أجوبتي على بعض أسئلتكم مُختصرة ومضغوطة بعض الشئ ..
ألتمس المعذرة في هذا ... إلاّ مـا يستوجب الاطالة. وهذا يعود لطبيعة السؤال والجواب عليه.
السؤال 1 :
حدّثْنـا عن شخصيتك ميقرو عبد الكريم ‘ من هو عبد الكريم بشير ؟ قرّبْـهُ منّـا... لمحة عن حياتك ؟
اسمي كريم أو عبدالكريم بشير من مواليد آزخ أيلول عام 1933 والدي بشيرو بشير من قبيلة آل كـومو جذورهـا البعيدة من الرهــا حسب معطيات شجرة العائلة [ دوحة آل كـومو]
التي قد تراهـا معلّقة في بيوت بعض أبناء هذه القبيلة ( الكُـموكية ).
والدتـي بيكـي يعقوب من القبيلة البرصومكية.
مُتزوّج من السيدة أليز إيليا والدهـا بولس مـراد إيليـا والدتهـا فهـيمة كبرو خدّو .
لي أبناء وأحفاد...
السؤال 2 :
عالم الطفولة واسع وهـام في حياة الإنسان . حدّثنـا عن طفولتك ورفاق جيلك‘ وبما أنّك ولدت في آزخ يـا ريت تُبين لنا بعض الفروقات في حياة الطفولة والحياة اليومية ؟
طفولتي كطفولة أيّ طفل بريئة ساذجة هادئة. ليس فيهـا أيّة ميزة تُذكر‘ ولا سيّمـا في آزخ حيث البساطة والتقوى والأمـان وتبادل العطف والرحمة والتعاون والمحبّة في بلدٍ صغير جميع سكّانه تقريباٌ أهـلٌ وذوي قُربى... مُتحابين مُتقاربين جدّاٌ في المأكل والمشرب والعادات والعيش والمعيشة والثقافة. مشمولين جميعاٌ بالنخوة والكرامة وإغـاثة الملهوف وعزّة النفس والرجولة الحقّـة ..
السؤال 3 :
بالتأكيد تذكر أصدقاء ورفاق جيلك أين منهم اليوم؟ وما هي العلاقات التي كانت تربطكم واليوم ببعض ؟
الطفل له مُخالطات مع الأطفال في نموه ولعبه في بلده وفي حيّه قد يطول الشرح والاسترسال فيهـا.
هناك حكمة تقول: ــ ( كُـلّمـا كبر الإنسان أحبَّ التكلّم عن ذكرياته وهو في سنٍّ أصغر ) ــ ولا سيّما في اللعب والألعاب والمُفاجآت .
لقد تفضّل قبلــي بعضُ ضيوف موقعكم الكرام في ذكر وتعداد وتسمية وشرح أنواع الألعاب ووسائلهـا وقواعدها باسهاب ونشوة .
أخصّ منهم ــ على سبيل الذكر لا الحصرــ الأديـبين الشاعرين صبري يوسف من السويد. وفؤاد زاديكـي من ألمانيا.
وعلى ذكر فؤاد! ( كيف يقول هذا الأديب والشاعر المرهـف أنّهُ لا يعرف لماذا سُمّي فؤاد.)
عجباٌ: ألم يسبق أن قال له قائـل: "أنت يـا فؤاد في فؤاد آل آزخ ..."
لهذا سُمّيتَ فؤاد...يا حشيش الفاد....
أمـّا أنا أكتفي هنا بما أورده صديق الطفولة الدكتور الأب يوسف سعيد والمقيم في السويد ــ وهو غني عن التعريف ــ أديب. كاتب. وشاعر موهوب عربيّاٌ وسريانيّاٌ. في مقالته حين قال:"... وبقي أن أذكر أننا كُنّـا نلعب أنـا وكريم ــ وهذا كان اسمه وقتذاك ــ على درجات العين التي تتوسّط المسافة بين بيتينا. أو الجلوس في شتاءات آزخ القارصة عند كانون النار نُردّد معاٌ أبانا الذي . في اللغة السريانية .
وقبل أن ننتهي من تعلّم ( نؤمن بالله الواحد ) قـانون الايمان . فصلت الأيـّام بيني وبينه. إذ هـاجر أحدنـا إلى العراق والآخر إلى سوريـا ..."
{ من كتاب أبواب عديدة ص :83 }
السؤال 4 :
مـا هي المدارس التي تعلّمْتَ فيهـا . ومن كان من المدرسين الذين لهم أثر في حياتك؟ وكيف كان التعليم في هذه المدارس؟
بطبيعة الحال لم تكن مدرستنا ــ مدرسة السريان ــ ولا غيرهـا من المدارس وقتذاك في المنطقة مُجهّزة بالوسائل التعـليمية والمخبرية أو الرياضية
أو حتـّى أبسط وسائل الإيضاح أو مـا شابه ذلك ...
مع هذا كان التعليم جدّيـا . ويُلاحظ حتّى يومنا هذا من يحمل شهادة السرتفيكا من ذاك الوقت تُعـادل معلوماته اللغوية والتعلّمية من يحمل الشهادة المتوسّطة ــ الكــفاءة ــ إن لم نقل أكثر .
لستُ أدري السبب الأصيل لهذا الفرق بين الماضي والحاضر‘ ربّمـا هو أن الذين كانوا يتعلمون ــ وهم قلائل ــ كانوا مهتمين بالإحاطة بكلّ مـا يقرؤون. وربّما كان هذا واحد من أسباب كثيرة .
تعلّمتُ أنـا فقط في مدرسة السريان الخاصة في ديريك ــ المالكية ــ من الصف الأوّل حتّى الصف الخامس. أي المرحلة الابتدائية.
وكانت تنتهي بالصف الخامس والحصول على شهادة عامة كانت تُسمّى وقتذاك ــ السرتفيكــاــ وقد كان ترتيبي الأوّل بين الناجحين في الجزيرة كُلّهـا في هذه الشهادة دورة عـام 1947 .
وأوّل معلمٍ علمني هو المرحوم الأُستاذ حنّــا بشير في الصف الأول . وكنت قد تعلّمتُ الأحرف العربية أنـا وكل أبناء السريان تقريباٌ في ديريك على يد المرأة البتول الورعة القدّيسة التي كانت تُعرف بـ [ الأُستاده ] وهي المعلمة نجمه الخوري التي علمت الأجيال تلوى الأجيال .
لهذا أُبقاني في الصف الأول شهرين فقط . ثمّ رفعني إلى الصف الثاني . ونجحت إلى الصف الثالث في امتحان آخر السنة الدراسية ...
ولا أزال أحتفظ بالشهادة ـ الجلاء المدرسي ـ مُنظّمة بخط يده وكتابته طيلة هذه المدّة الطويلة. كما علّمني الملفونو حنّا عبدالأحد في الصف الخامس . اللغة السريانية‘ والطقس الكنسي وكان مدير المدرسة وقتذاك ورئيس لجنة المدرسة المرحوم مُراد بولس إيليا وهو مؤسس كشاف السريـان في ديريك منذ عام 1943 .
وإنني أكنُّ لذكراهم كلَّ الامتنان وكُلَّ الاحترام و كلّ الإكرام والاعتراف بالجميل... بعدئذٍ لم يتسنَّ لي الدراسة النظامية في مدارس أُخـرى فعقدتُ العزم وصمّمْـتُ على الدراسة الحرّة مهما كلّف ذلك من جهـد ..
( من باب : أخوك مجبرٌ لا بطـــل )
وحصلتُ على شهادة الكفاءة عام 1952 . ثمّ حصلتُ على شهـادة البكلوريـا في عام 1957 . وحصلتُ على شهـادة أهلية التعليم عام 1959 .
وحصلتُ على شهـادة الليسانس في الحقوق من جامعة دمشق عام 1964 / 1965 .
قد يستغربُ البعض من كلامـي هذا... إلاّ أنّهـا الحقيقة...
لكن والله احتاج الأمر لجهودٍ كبيرة‘ ودراسة متواصلة . ودفع الثمن من البصر والنظر والصحّة والراحة والحياة الشخصية والعائلية ..
كنتُ لا أنام قُبيْـل مواعيد الامتحان وأيّـام الامتحانات إلاّ ساعات قليلة . و قليلة جدّا. لأننـي كنتُ أعملُ في النهار كمُعلّم . وأنـا ربُّ عائلة تتطلّبُ منّـي تدبيرا وإعـالة ومصاريف. وعناية .. و.. و..
لذا كانت مساحة الدراسة لديَّ ليلاٌ أنسب .فكنْتُ أُوصل الليل بالنهارأحيانـا .
السؤال 5:
كنتَ منذ طفولتك تُحبُّ التمثيل . من أين جاء ذلك . وهل كان لك نية في الاستمرار بالتمثيل ؟
أخبرنا أين مثّلتَ وما هي المسرحيات والأدوار التي اتّخذْتهـا ؟
نعم كنتُ أُحبُّ فنَّ التمثيل منذُ نعومة أظفاري. ولاسيَّما كان جيلنا يفتقر إلى المسارح ودور السينما. لذلك كنّا نقوم بمسرحيّات كنّا نسمّيهـا وقتذاك ( روّايـات ) جمع روّاية وقد مثّـلتُ وأنا طفل في تمثيلية ـ رواية ـ فتى الأرز عام 1944. ثمّ َفي رواية سميراميس. وصلاح الدين الأيُّوبـي. وابن الضال ... كان هذا في ديريك.
وفي القامشلي ألّفتُ وأخرجتُ مسرحية الخرساء وغيرهــا ...وكنتُ وقتذاك في ريعان الشباب .
كمـا درستُ التمثيل والمونتاج والاخراج بالمراسلة .حيث كان في القاهرة معهد يُصدرُ نوطات لدراسة التمثيل ومُتطلباته . فراسلته وحصلت منه على النوطات اللازمة وخضعت للامتحان ونجحتُ في القسم النظري .بعد أن أجبتُ على أسئلة الامتحان . مع تزويد المعهد بعددٍ من صوري الشخصية وأنا في مواقف تمثيلية وتعبيرية عديدة . مع معلومات عن طولي ووزني ولون شعري والشهادات العلمية التي أحملهـا .
جاءني كتاب من المعهد يفيد أنني قد نجحتُ في القسم النظري . بقي أن أخضع لمقابلة مع عميد المسرح المصري وقتذاك يوسف بـك وهبـي .
وحدّد الكتاب الزمان والمكان لموعد المقابلة وأذكر أنّهُ كان المكان فندق
[ أُوريـان بالاس ] في عمّـان ــ الاردن ــ .
إلاّ أنّهُ لظروف خاصة وعائلية ــ لاداعي لذكرهـا ــ لم أتمكّن من الذهاب لحضور المقابلة ... لكن لا أخفيك أنني أُصبْتُ بخيبة أمل مُدمّرة لأحلامٍ وردية حلوه... عانيْتُ من مرارتهـا مُدّة ...
ومن عجائب الصدف أنني عنـدما تزوّجتُ في صيف عام 1956 وأخذت عروستي لقضاء ــ مـا يـُسمّى ــ شهر العسل ومن المدن التي قضينا فيهـا أيّـامـا من هذا الشهر. مدينة عمّان الجميلة ؛ حيثُ أخذنـا سائق التكسي فيها إلى فندق قرأت اللوحة المعلّقة على بابه الخارجي [ فندق أُوريـان بالاس ].
يا لغريب الصدف !!
هونفس الفندق الذي كان يجب أن أُجري المقابلة فيه منذ سنوات مع الفنّان يوسف بك وهبي .
وكان من جملة نزلاء الفندق التقينـا فيه بالفنّانات الأخوات الثلاثة :
فيروز ومرفت ونيللـي . جئن مع فيلمهنَّ الشهير (عصافير الجنّة . )
كدعاية. ترافقهنّ أُمُّهـنَّ وهي من أصل أرمني ...
عُزمْنـا نحن العروسين. وحضرنا الفيلم بعد أن قدّمتْ الممثـِلات الصغيرات فقرة كوميدية حيّة قبل عرض الفيلم الذي اظنُّ أنّه كان من إخراج المخرج عزالدين ذو الفقّـار .
السؤال 6 :
أنتَ والتربية والتعليم لكم مشوار طويل مع بعض . حبّذا لو تُبيّن لنا هذه العلاقة. منذ أن كنتَ معلّمـا ثمَّ مديرا ثمَّ مُفتّش تربوي وإلى ذلك من التسميات؟
نعم أنـا والتعليم أحبّة وأيـّة أحبة ..!!
لقد أعطيتُ لهذه المهنة عمر شبابي بكرمٍ ودون حساب. لأنّني كنتُ أعشق مهنتي. فأعطيتهـا وأعطتنـي وصقلت رجولتي وثقافتي لأنّ أوّل عملٍ اخترته مهنةَ لي هو التعليم . وكان ذلك عام 1950 في القامشلي.
كُنتُ مُعلّمـاٌ في مدرسة الكـلدان الخاصة. ولم أكن وقتذاك أحمل إلاّ شهـادة السرتفيكـا.
ثـمّ علّمْتُ في مدرسة السريـان الكـاثوليك الخاصة مُعلّمـاٌ ثـمَّ مديراٌ. وتنقّلْتُ في المدارس الرسمية ـ الحكومية ـ ابتدائة واعدادية وثانوية مُعلّمـاٌ أو مديراٌ أو قـائد كشّاف.
حيثُ نظّمْتُ في كلّ مدرسةٍ ابتدائية فرقة كشفية . على نمط الفوج الكشفي لمدارسنا السريان في القامشلي .
وانتُخـبْتُ عضواٌ لمجلس أوّل نقابة للمعلمين تُحْدثُ في سوريـا وساهمتُ في وضع قانون صندوق التكافل الاجتماعي للمعلّمين. وهو ساري المفعول حـتّى اليوم .
ثُـمّ عملتُ في سلك التفتيش ــ التدريب المستمر ــ أي تدريس المعلمين والمعلّمـات الطرق المسلكية التربوية الحديثة في التدريس وتطبيق ذلك في الصفوف مسلكيّـاٌ بعد الخضوع لدورات تدريبية والنجاح فيهـا .
قضيتُ في هذا العمل خمسة أعوام وكانت السنوات الأخيرة من عمري في سلك التربية والتعليم ؛ قبل الانتقال إلى سلك المحاماة .
وقد مُنحتُ عدداٌ من الثناءات من السؤولين في وزارة التربية والتعليم .
لي عدد من المحاضرات أَلتربوية أَلقيتهـا في المراكزالثقافية ‘ أو نشرتها في مجلّة المُعلّم العربي..
[التعاون بين البيت والمدرسة ] مُحا ضرة كتبتهـا وألقيتهـا في المركز الثقافي في القامشلي يوم 15 /4 / 1965 .
و في المركز الثقافي في مدينة المالكـيّة يوم 10/ 3 / 1966 .
[ دور المدرسة في المجتمع ] أَلقيتهـا في المركز الثقافي في القامشلي يوم 5 / 12 / 971 1 . وكان غالبية الحاضرين لهذه المحاضرات من السادة المعلمين ‘ وأولياء الطلاّب .
السؤال 7 :
بما أنّك تدرّجْتَ وتنقلْتَ على مدارس الجزيرة واستلمْتَ هذه المناصب ولك خبرة واسعة وغنية جدّا .
أولا : كيف تُقيّم التعليم بشكل عام في الوقت الحاضر وماذا تنصح به ؟
ثانيا : بماذا تنصح المعلمين والطلاّب ؟
لقد تركت التعليم منذ زمنٍ بعيد. لذا قد لا يكون تقييمي في الوقت الحاضر دقيقاٌ. لكن برأيي أن يكون التعليم مواكباٌ للعصر وحضارته ومدنيته وحاجاته ومُتطلّبـاته المادية والمعنوية والتعليمية والصحيّة والحياتية ...
أمّـأ المعلمون فهم حملة أسمى رسالة ــ رسالة التربية والتعليم ــ وهذا برأيي أرقى موقع وأسمى مكانة لو حافظ المرء عليها . ففيهم قيل :
قُم للمعلّم وافّه التبجيل ............ كـاد المعلّمُ أن يكون رسولا
أمـّا الطلاب عليهم أنْ يتسلّحوا بالعلم والمعرفة وينهلوا من هذا النبع الكريم الفيّاض الثر لحياتهم ولتأمين مستقبلهم. ليكونوا فعّـالين مثقفين خيّرين في مجتمعاتهم... تحقيقا لقول مار أفرام السريانــي :
"اللهُـمَّ امنح علمـا لمن يحبُّ العلمَ واجعل المعلم الذي يُحسن التعليمَ عظيمـا في ملكوتـك"
السؤال 8 :
أنت كحقوقي لم تمارس مهنة المحاماة إلاّ بعد فترةٍ طويلة. لماذا؟ وكيف بدأت بهذه المهنة؟ وكم كانت الاستفادة من التعليم في ممارسة مهنة المحاماة؟
انتميت إلى سلك المحامـاة وسجّلًتُ في نقابة المحامين عندمـا رأيتُ أنّ الوقت المناسب قد حـان لذلك .
أمـّـا الاستفادة من التعليم والتربية في المهنة الجديدة. لا أعرف بالضبط مدى هذه الاستفادة؛ إلاّ أنّـني أذكر كلام أحد السادة القضاة وكان رئيس محكمة البداية في القامشلي. كان يقول أكثر من مـرّة للزملاء الحاضرين :
"من يقرأ مُذكرات ودفوعات الأستاذ عبدالكريـم في مرافعاته ووصفه الحقوقي لمجريـات الدعوى. يلمس أنـّه يُدخل التربية في مهنة المحاماة. وهذا واضحٌ في دفوعاته عن موكليه‘ أو طلبات الحكم له في دعاويه. مُسْتخدمـا اسلوبا وكلماتٍ وصياغة تربوية حتّى في طلبه الحكم له على خصومه في الدعوى". هذا قوله هو .!
أمـّا أنا فلا أعرف حقيقة كيف كان اسلوبي يتميّزُ عن اسلوب الزملاء .
السؤال 9 :
كُنًتَ تهتمّ بالتراث الأزخيني والسرياني . فماذا قدّمْت بهذا الخصوص؟
( أقصد تحديدأ القاموس الأزخيني ). ومـا هي الفائدة من ذلك ؟
نعم كنتُ ولا أزال .!! فمن يتصفّح آخر كتاب لي بعنوان ( أبواب عديدة ) يجد فيه بـابـا خاصّا بعنوان [ بـاب آزخ والتراث ] فيه نماذج قليلة جدّا من كتاباتي عن آزخ :
آ ــ آزخ بيت زبداي .
ب ــ بلدة من بلادي العريقة تُصبحُ موضوعاٌ لنيل الماجستير بجامعة أُوربيّة .
ج ــ مقدّمة قاموس في اللهجة الأزخينية . والتعليق على القاموس.
وأذكر في أُمسية أزخينية سريانية في { نورشوبنك } ــ السويد يوم 31 / 5 / 2003 / دُعيتُ للتكلّم عن آزخ ولهجتهـا والقاموس فافتتحتُ المحاضرة بما يلي :
قبل حضوري إلى هنا المكـان التقيتُ بصديق أُعزُّه واُقدره جدّاٌ . أُستاذ مُثقّف يحمل شهادةَ جامعية عليا. له مركزه في الحزب والدولة. قال لي مُتسائلاٌ :
مـا هذا يا أستاذ ؟..آزخ. . آزخ ..أراك تتكلّم بحماسٍ في ذكر آزخ والأزخينية .
عملتَ قاموس في اللهجة الأزخينية ..أُمسية أزخينية . .ندوة أزخينية . .
هل تريد أن تعمل من الأزخينية قومية ؟!!
وهل الأزخينية حقّاٌ قومية .!!!
وهل تريد أن نترك القومية ... .. ونأخذ القومية الأزخينية لترتاح؟؟
وشدّد على كلمة ( لترتـــاح ) مـازجا سؤاله الأخير هذا بشئٍ من المزاح اللطيف؛ وهو يبتسمُ .
وجوابي على هذه الأسئلة هو كمـا يلي :
سألوا إحدى الأُمَّهـات التي كانت قد اشْتهرَتْ بمحبّة أولادهـا والتفاني الشديد في سبيلهم : أيُّ ولدٍ من أولادكِ أقرب إلى مُهجتكِ وقلبكِ ؟ .
فأجابت الأُمُّ :
ـــ الصغير حتّى يكبر .
ـــ المريض حتّى يشفى .
ـــ الغائب ـ البعيد ـ حتّى يعود .
وأنـأ أقول جوابـاٌ على الأسئلة السابقة :
لا . . الأزخينية ليست قومية ....
وآزخ حكمهـا كحكم أخواتها :
ـــ أنطــاكيا والرهــا .
ـــ القدس وبيت لحم .
ـــ مجدل شمس والجولان .
أمـّا الجواب على ما أنت تُنوّه بقولك :{ أقصد تحديدا القاموس الأزخيني } وما هي الفـائدة ....
فهذا ردّي :
تكون الفائدة عادة. مادّية أو غير مـادّية.
أوّلاٌ ــ فمن الناحية المادية : صدّقني لم أجنِ‘ أو أحصل على أيّة فائدةٍ مادّية. بل بالعكس فقد طبعتُ الكتاب كلّ النسخ وجلّدتُ بعضهـا تجليداٌ فنّياٌ على حسابي الخاص وقدّمتُهـا على سبيل الهدايـا مقرونة بالمحبّة والتقدير والاحترام؛ لصاحب غبطة. ولأصحاب نيافة. ولأساتذة بروفسّوريه يـُدرِّسون في جامعات أوربية يهتمّون بالمشرقيّات واللغات الشرقية . ولكتّابٍ وشعراء وأُدبـاء. ولزملاء محامين وقضاة. ولأصدقاء وأحبّةٍ. أحبُّهم وأحترمهم. وأنت واحد منهم .
ثانياٌ ــ الفائدة غير المادّية :
يكفي أنَّ أكثر من جامعة أوربية يتواجد القاموس في أرشيفها في مكتبتها بين مُقتنياتها ومراجعها العلمية اللغوية. ويُعتمدُ كمرجعٍ هـام في أُطروحات بعض الطلبة. كما جاء على لسان الطالبة مونيكا شيمانسكا خريجة جامعة بوزنان البولونية ــ الجامعة التي تخرّجْتَ منها أنتَ وابن عمّك فادي بشيرــ
في مقابلةٍ معهـا :".. وكان لي فرصة التعرّف على المحامي عبد الكريم بشير ألذي أعتبرُ كتاب قاموسه الأزخيني أحد أهم مراجع رسالتي في نيل درجة الماجستير."
{ مجلّة شروغو عدد25 لعام 1997 }
كما كان أحد المراجع في كتاب الباحثة الألمانية الكبيرة مشائيلا فيتريش Michaela Wittrich
وعنوانه: (Der arabische Dialekt von AzeX)
ولتقييم هذه الفائدة أقتطفُ بعض النفحـات العطرة من تقييم بعض السادة المعلّقين على الكتاب .
1 ــ نظرة خاطفةعلى قاموس في اللهجة الأزخينية للمحامي عبد الكريم بشير { ألأب الدكتور يوسف سعيد السويد }
"...أيّهـا العزيز عبد الكريم ! لا شك أنّ محبّتك وتعلّقك بهذه اللهجة التي تُعتبر تراثاٌ نفيساٌ عن الآباء والأجداد البررة دفعك إلى تخليدهـا في هذا الكتاب؛ دفعاٌ عنهـا عوامل النسيان وقوارض الفناء. باذلاٌ جهوداٌ كبيرة طوال هذه السنين دون التفكير والحصول على أ يّ ِمكسبٍ مادّي . بل بالعكس مُـتحمّلاٌ تكاليف العمل النبيل. وهذا لعمري مُنتهـى الشيم النبيلة . فاستحقيتَ منّا جميعاٌ الثناء والشكران."
{ من كتاب أبواب عديدة ص 83 }
2 ــ جاء في مقالةٍ لنيافة المطران أوكين قبلان. نُشرت في المجلّة البطريركية العدد 100 كانون الأول 1990 .
"... وقد أحسن الأستاذ المحامي عبد الكريم بشير بجمعه اللهجة الأزخينية في هذا القاموس القيّم والفريد من نوعه ليحفظ للأجيال القادمة هذه اللهجة التي تكاد أن تنقرض .
والمجلة البطريركية تُهنّئ الأستاذ عبد الكريم على هذا الإنجاز الثمين . وتتمنّـى أن يُطبع الكتاب بمئات النسخ لتعمَّ الفائدة ..."
3 ــ وكتب الأديب الشاعر الكبير جرجس ناصيف في كتابه ( عبدالكريم بشير في أوراقه ) .صفحة 38 :
"... ولهذا نراه يُحاول أنْ يُحافظ على لهجته . وأنْ يمنع عنهـا قوارض الفنـاء . فيُخلّدهـا في معجمٍ يصون ألفظها. . .
وإنّ محاولة الأُستاذ بشير في صون هذه اللهجة من الفناء عمل كبير يُشكر عليه ..."
4 ــ وقال البروفسور الدكتور ميخائيل عبد الله أُستاذ المشرقيّات في جامعة بوزنان ـ بولونيـا ـ في رسالته المؤرّخة في 22/ 2 /1996 :
"... مُنذ استلامي قاموسك .كُنتُ أترقّبُ لحظة أكتب لك شاكراٌ على هذه الهدية الثمينة . . . . فعلاٌ هو عمل يستحقُّ كاتبه كلَّ التقدير والثناء . وهو جدير كغيره من المواضيع العلمية بالدراسة والتحليل ...
ورُبّـمـا جهودك هذه يـا أُستاذ عبد الكريم هي التي ألهمت قافلة الكتّاب الذين سلكوا نفس الطريق . فكانت لهم بمثابة البذار والخميرة ..."
5ــ وكتب الكاتب والأديب القدير الأُستاذ لحدو اسحق :
"... أتحفتني بقاموسك اللهجة الأزخينية . . فكان أكبر هدية وصلتني حتّى الآن ‘ وأكبرتُ فيكم الجهد المبذول من أجل إحياء هذه اللهجة التي هي جزء من تراثـنا اللغوي .. فكنتَ كبيراٌ في عملك . عظيمـاٌ في تفكيرك . فجاء القاموس مُلبّياٌ حاجات القرّاء والدارسين . وسدَّ فراغاٌ كبيراٌ في المكتبـتين العربية والسريانية ..."
أكتفي بهذا القدر لعدم الاطالة .. وألتمس العذر ممّن كتب أو علّق أو حلّل ولم يردْ ذكرُهُ .
السؤال 10 :
ما هي الطموحات التي كنت ترسمها لمستقبلك منذ الطفولة .
اذكر مـا تحقّق منها وما لم يتم تحقيقه؟
ألحُّ طموحاتي وأهمّـها كان أن احصل على كمٍّ من الشهادات الدراسية العلمية. لأنني كنتُ وما زلتُ أعتبر أنَّ العلم والتعلُّم أعظم درعٍ للوقاية‘ وأقوى سلاحٍ للدفاع‘ وأنجع وسيلةٍ للوصول إلى الأهداف الخيّرة والنافعة ... والمانحة ...
وإنّني على قناعة ويقين : أنّه ما من مقـام ٍ أو مركزأو منصبٍ مهما سما لا يعلو على مقام العلم والعلمـــاء.
بعد نيلي الليسانس في الحقوق العامة من جامعة دمشق سجّلتُ للدراسة بقصد الحصول على درجة الماجستير في الحقوق الدولية ــ القانون الدولــي ــ. ومن ثـُمّ الحصول على مرتبة الدكـتورا في هـذا الاختصاص . لكن تطلّبت الدراسة في هذا الفرع :
آ ــ عدداٌ مُعيّناٌ من الدوام وحضور المُحاضرات . وهذا يصعب عليَّ تحقيقه .
ب ــ لغة أجنبية عالية نوعاٌ ما. حيثُ أنّ أغلب المحاضرات كانت بالفرنسية. وبما أنَّ دراستي كلّهـا كانت حرّة ...
فاضطررتُ للانسحاب بعد تسديد القسط الجامعي الأول. لكن انسحاباٌ خجولاٌ ...
أمـّا الهدف الملحاح والوحيد الذي كنتُ أطمحُ أن أصل إليه‘ وأنجحُ في تحقيقه في مجال العمل والحياة. هو أنْ اُدرّس أحد أولادي الحقوق . ومن ثمَّ يصير مُحامياٌ. أُدرّبُه في مكتبي‘ ويخلفنـي في إدارة واستلام مكتبي وقضايا موكليني ودعاويهم‘ وأن يأخذ مركزي حاملاٌ عنّـي العبء ...
إلاّ أنَّ ذلك ــ ويــا للأسف الشديد ــ لم يتسنَّ لي تحقيقه ... فكان ما كان ...
السؤال 11 :
متى وكيف اتّخذْتَ قرار الهـجرة ؟ وهل كانت هناك صعوبات في الوصول إلى ألمــانيــا ؟
يُمكنك استنباط الاجابة على هذا السؤال من فحوى اجابتي على سؤالك الأخير الفقرة د : دمشق تحديداٌ فقرة ( مطار دمشق ) .
السؤال12 :
أنت تمارس الكتابة منذ زمنٍ بعيد . هل تُحدّثنا في أيّ مجالٍ كنتَ تكتب واليوم أيضا... وحدّثْنا عن حياتك الأدبية‘ منذُ متى تكتب؟
أنـا أكتب منذ زمنٍ بعيد وقد كتبتُ في جميع المجالات تقريبـاٌ ولكي لاأُطيل الشرح. أورد فقط مقطعـاٌ من الصفحة 7 من كتاب عبد الكريم في أوراقه للأديب والشاعر جرجس ناصيف :
"... كان يكتب القصّة والمقالة ... ولا أعرف مجلّة سورية لم تنشر له مقالة أو قصّة أو تعليق.
قرأنا له في الخمسينيات والستينيات في مجلة الجمهور الحلبية قصّة
(حكم القدر) و (الدين والحب). وفي النقّاد الدمشقية قصّة بعنوان (مـاما) وفي مجلّة السنابل الحلبية قصّة (المجنون) وفي مجلّة دنيــا الدمشقية قصّة طريفة بعنوان (دنيــا) وفي مجلّة الخابور قامشلي (الصيف هذا المجرم) و (شجرة العيد) وفي جريدة الجزيرة مقالاٌ بعنوان (الأدب هل يُشبعُ حبزأٌ ؟) وفي جريدة الرأي العام مقالاٌ بعنوان (إلى ولدي). وفي مجلة المعلم العربي دراسة قيّمة عن دور المدرسة في المجتمع. وفي مجلّة الشبيبة العاملة المسيحية البيروتية مقالاٌ بعنوان (التمدّن والشباب). عام 1953 ...
كان يضع روحه في كلِّ مـا كان يكتبه ..
لم يتفرّغ للأدب ... ولم يكن الأدب عنده أكثر من موهبة..."
.وجاء في الصفحة 52 من هذا الكتاب ما يلـي :
"وإذا كان الأدب عملاٌ أو مهنة عند كثيرٍ من الأُدبـاء. فهو عند عبد الكريم بشير هواية. يُحاول بهـا أن يُحقّق ذاته‘ ويفصح عن بعض مكنونـات نفسه ...
ومن يقرأ هذه الأوراق. يحسُّ أنَّ عبقرية أدبية فذّة كان يُمكن لـها أن تظهر. لو أعطى صاحبهـا لهـا اهتماماٌ وممارسة كـافية .
أرجو أنْ تكون هذه الفقرة الصغيرة قد غطّت سؤالك يــا دكتور !!
السؤال 13 :
مـا هي أهداف قلمك من تدوين الحرف ؟
تحقيق الذات ــ تنمية الحس الفكري ــ الأدب ــ الثقافة ــ المعرفة ــ
الحقيقة التي أُؤمن بهـا ــ نشر الكلمة ــ السمة الإنسانية ــ المعــاناة ــ التعبير عن المعانـاة ــ صقل الشخصية وتهذيبهـا ــ حفظ التراث ــ الاعتزاز بالتراث ــ و... و...
السؤال 14 :
هل لك علاقات مع مؤسّساتنا الثقافية والأدبية السريانية. وهل شاركت في منتديات وندوات أدبية ثقافية. أين ومتى؟ .
ألقيت عدّة محاضرات . منها في الوطن ومنهـا في المهجر . ففي المهجر ألقيت عددا من المحاضرات منها الاجتماعية . والقانونية . والتراثية والثقافية . في نوادينـا كما يلي :
في ألمانيــا ـ فيزبادن ـ يوم 18/ 3/ 1993 / في أحد النوادي السريانية . وكذلك يوم 23/ 11/ 2003 / في نـادٍ آخر.
في هولندا ــ آنشخده ــ يوم 13/ 11/ 1996 / .
وفي تانستا ــ السويد ــ يوم 8/ 8/1994 /
وفي نورشوبنـك ــ السويد ــ يوم 31/ 5/ 2003 / .
وفي رنكـبي ــ السويد ــ أيضا وكانت المحاضرة بعنوان
[ نور السريان ] في ندوة يوم 7/ 5/ 2003 / . مع نخبة من المشتركين في الندوة . أذكر منهم بكل اعتزاز الشاعر صبري يوسف. في الصالة التي. كانت مزدانة بمعروضات الفنّان التشكيلي كــابي سـاره ولوحاته ورسوماته .{ اوجه لهما عن طريق موقعكم بهذه المناسبة التحية الحارة } .
لقد أُسعدتُ جدّا بزملاء. وأحبّة وأفاضل حضروا الندوة. ومنهم الأُستاذ مـاتين شمعون. والملفونو كبرئيل سلطانه وأفرام كبرو وألياس يعقوب ... وغيرهــم ... كما حررتُ بَاباً بعنوان { اخترتُ لك } في مجلة شمشو التي كانت تصدر في هولندا ـــ آنشخده ــ وكذا في مجلة شروغو التي كانت تصدر في فيزبـادن ــ ألمانيا ــ ونشرت في هذا الباب عددأ كبيرا من التراث ورجالاته. الدينية والعلمية من علماء وفلاسفة وعظماء السريان .
كما نشرتُ سيرة البعض وعظمتهم وكتابات البعض الآخر.
وكنتُ سأستمرُّ في الكتابة عن المشاعل الثقافية العلمية والحضارية وهي تتلألأ في مكانها اللائق لتنير وتضيئ للأجيال القارئة والأجيال القادمة
والتي يُخشى أن يأتي اليوم ... إلاّ انّه للأسف توقّفت هذه المجلاّت عن الاصدار .لأسباب قد أكون لا أعرفهــا .
السؤال 15 :
للهجرة سلبيات وإيجابيات . وما هو دورها في مستقبل السريان ؟
للهجرة فلسفة أزلية : إيجابيات وسلبيات. ودورهـا يتوقّف على المهـاجرين أنفسهم ... سلوكهم . طموحاتهم . خلفيتهم . مسلكهم . وظروفهم العلمية والثقافية والاجتماعية. أحوالهم المـادّية وكذا أدوارهم في هذه الحياة
السؤال 17 :
مـا هي أهم المحطّات الحاسمة في مسيرة حياتك ؟
المحطّـات الحاسمة أصبحت ذكريـات. ذكريـاتٌ عبرتْ أُفقَ خيـالي..
( ذكرياتٌ داعبت فكري وظنّي، لستُ أدري أيّـهـا أقربُ منّـي )
لذلك يمكنك استنباط الجواب على سؤالك هذا من اجـابتي على السؤال الأخير تحديدا فقرة هـ فيزبادن
السؤال 18 :
آ ـ ماذا تعني لك كلمة السريــان ؟
ب ـ وما هو مستقبل السريان بعد كل ما يجري حولنا في هذا العالم ؟
جواب الفقرة آ ـ :
1 ــ عاطفيّا . وروحانيّا: نفحة الإيمان القويم .
2 ــ اديولوجيّا وتاريخيّا: الأصل والجذور .
3 ــ جغرافيّا وحضاريا: ســــــــــــوريــا
استنادا إلى الحقيقة التاريخية وفيها قولان :
القول الأوّل : سُميت سوريّا بهذا الاسم نسبة إلى السريان سكّانهـا الأصليين
القول الثاني : سُمى السريان سريانا نسبة إلى سوريـا أو أسّيريا التي سكنوهـا منذ زمنٍ بعيد .
جواب الفقرة ب :
المستقبل في علم الغيب. ومعرفة الغيب عند الله.
وحريٌّ بنا نحن أن نتفاءل ... ونتفــاءل ... . ولكن :
( على قدر اهـل العزم تـأتـي العـزائـم . )
السؤال 19 :
للكنيسة السريانية دورٌ كبير في الحفاظ على التراث واللغة السريانية .
كيف ترى هذا. ومـا هو دورهـا اليوم في مستقبل الأمة السريانية؟
لا مجال لنكران هذه الحقيقة. وهذا الدور الرائد والمصيري للكنائس والأديرة في حفظ اللغة السريانية من الاندرثار هذا أقل مـا يُقال في هذا الشأن وأنت قد لا ترى أُمّـة ممزوجة مع كنيستهـا أكثر من الانـدمـاج الموجود بين الأمة السريانية والكنيسة ...
والأمثلة عديدة. لا مجـال لتعدادهـا هنـا ... كان آخرهـا الموقف من مسألة ذكرى سـيفـو. أو في المواقف في مراسيم تـأبين‘ ودفن أحد رجالات الأمة السريانية المرحوم اسكندر ألبتكـين .
أمّـا في الحاضر . فبرأيي أنّ الكنيسة ليست جرسية أو مكان وحيطان ... بل هي شعب . أعضاء . أفراد وجماعات. و مؤسّسات . . .
هـي أنـا . . وأنتَ . . و هو. . وهـيَ ..
إذاً على هؤلاء يتوقّفُ الدور في العمل المثمر والنشاط والتنظيم والعطاء . للحفاظ والتقدّم والنمو والازدهار. أو التقهقر والتلاشي ... أو حتى الضياع .
لكن قلْ لي مـا لكَ !! سؤالك هذا وغيره فرض استفسارا وتعليقا أرجو أنْ لايكون ثقيل الظل.
مـا لك يـا حبيبي ؟ كأنَّ جلدك لايسعك وأنتَ ممتلئ نشاطا وحيوية ... تلتهب حماسا للطائفة . للكنيسة. للسريانية. للمؤسّسات الدينية. للاهوتية. للكهنوت...
ــ عزمْتَ وتعلّمتَ التكلُّم اللغة السريانية وهذا شيئ رائعٌ حقـّا .
ــ حفظْـتَ خدمة القدّاس وأصبحتَ شمـّاسـا... ينقصه الرسامة والهرّار ...
ــ نظّمتَ جوقة تراتيل في كنيسة مدينتك؛ من أعضائهـا زوجتك وبناتك .
ــ حاولتَ جمع أقوال و تعابير المسيح السرمدية وبعض الابتهـالات له بصيغة صلاة . في كتابٍ تريد اعتماده للطقس الكنسي والصلاة به في الكنيسة. مع العلم أنَّ أيّ كتابٍ أو كرّاسٍ يُعتمد للصلاة والطقس الكنسي . يجب أنْ يحصل على موافقةٍ مُسبقة من راعي الأبرشية .
ــ أخذتَ تنشط في طلب استضافة هذا المطران ... وترافق ذاك في تنقلاته. مُحتكّـا برجال الدين. مُناقشـا البعض ومُحاورا ...
ــ ربّيت لك لحية مودرن ــ سكسوكة حلوة ــ تناسب رجل الدين العصري . وتزيد في الوقار . .
ــ تُراسل السنودس المُقدّس . وتُقدّم اقتراحاتٍ تراهـا بنّاءة ومُفيدة
[ رسـالة مفتوحة إلى المجمع المقدّس لعام لعام 2009 ]
تُخاطب أصحاب النيافة بكلماتٍ صيغـها لاهوتية تعوّدْنا سماعهـا من أصحاب المراتب الكهنوتية كقولك : "كيْ يحلّ عليكم روح القد س"
وتنشر بركـاتك كقولك : "الربُّ يـُبارك حياتكم".
ــ تطلب الحفاظ على العقيدة المسيحية .
ــ تطالب إعادة النظر في المنهاج الدراسي اللاهوتي .
ــ تقترح نظما في الأُمور المالية تتفقُ مع حسنات النظرية الماركسية . كقولك : "المـال هو أصل الشرور."
صدّقنـي توقّعتُ أن أقـرأ في ختام رسالتك هـذه العبارة :
{ امضوا بسلام و أ نتم فرحين مسرورين وصلـّوا لأجلـي }.
إذاً شو قصًـتكً يـا حبيبي ؟ ؟
ليْـكُونْ بدّكْ تصيرْ قَـسْ ... أو ... وأنا مـا عندي عِلمْ !!
أم أنّ الاندفـاع للعمل الخيّر شيمةٌ وراثيةٌ ورثْتها عن ابن أخي المرحوم والدك الأستاذ حنا شيعا الذي كـان كُـلَّـه غيرة ونخوة ... ليُقـال : "الخلّفْ مَـا ماتْ."
أمْ أنّ ذلك لتزيد اعتزازنـا بشخصك‘ وبهذا النشاط الدؤوب ؟؟
السؤال 20 :
أنت كمحامي سـابق لأبرشية الجزيرة والفرات. مـا هـي :
1 ــ المهـمّـات التي قمتَ بهـا من أجل الكنيسة ؟
2 ــ الصعوبات التي كانت تتلقّـوْنهـا ؟
1 ـ المهمّـات: كنتُ أقوم بهـا بموجب مـا كان يتطلّبُ موقـعي كمستشار قانوني. وأقوم بـأداء عملي كمُحـامي يعرف واجبه. ويعرف مُتطلّبات الموضوع فيُنفّذهـا بجرأةٍ وإخلاص لصالح الأبرشية. غير آبهٍ لأيّ اعبارات أخرى. وقد يكفي أن أذكر هنـا ما جاء في السطرين الأخيرين فقط من شهـادة الأبرشية الخطّية المؤرّخة في /21 /6/ 1990.
"... ويمتاز بالخبرة الواسعة في القانون. وبـالصدق والأمـانة في عمله وحسن التزامه برسالته السامية ‘ودفاعه عن الحق."
{ عن كتاب عبدالكريم بشير في أوراقه . ص. 11 }
2 ـ الصعوباـت :بصراحة أنـا لمْ ألاق أية صعوباتٍ تستحق الذكر في القيام بعملي القانوني ومُهمّاتي القضائية. لأنّني كنت أعمل ضمن الأُطر القانونية المُتّبعة كمُحامٍ واثق من نفسه و من معلوماته. مُنطلقا من هسٍّ وضمير سرياني وإنساني حـَيّ. وقد عاصرتُ عددا من مجالس الملّة المُتتالية ... كانوا كُـلّـهم . ــ لا أُريدُ أن أذكر الأسماء ــ كـلّهمْ في مُنتهى الاخلاص والاندفاع والتسابق للعمل المثمر لخير الأوقـاف والطائفة والكنيسة .
وفي مُنتهى النزاهة ونظافة اليد والفكر والقلب لهم منّي جميعأ أينمـا كانوا التحية والاحترام والتقدير.
السؤال 21 :
أنتَ ممنْ لهم شغف كبير في حب المطالعة والقراءة. فهل تلبي هذا الشغف من الأنترنيت؟ مع علمنا انّك نادرا ما تكتب في الأنترنيت .
وكيف تنظر لمواقعنا السريانية. وما هو دور الأنترنيت في توصيل الكـــلمة؟
نعم أنـا من المولعين في حب المطالعة والقراءة. وأُحب أن تكون المطالعة بتعمّق وغير سطحية لذلك أضع أثناء القراءة خطوطا بقلم الرصاص أو اللون الفوسفوري تحت الكلمات الناتئة أو التي أراهـا مهمة .
وقد مارستُ المطالعة منذ زمن ... قراتُ كتبا ومؤلفات عديدة. وعديدة جدّا لأُدباء عرب وسريان كمؤلفات جبران وميخائيل نعيمه وجميع روايات جرجي زيدان وطه حسين ونجيب محفوظ ... ولأُدباء أجانب كمـكسيم جوركي وجان بول سارتر وفيكتور هيكو وشكسبير... ولأبطال الثورة الفرنسية :فولتير وروسو. ولأُدباء المهـجر. والكتب السياسية "كفاحي لهـتلر ومذكرات الجنرال ديغول وعن غاندي وجواهر لان نهرو وغيره...
كمـا أنا من قرّاء الأنترنيت وإن كنتُ لا أكتب فيه إلاّ القليل. لكن أُمضي ساعات وساعات وأقرأ في جميع المواقع التي تهمّنـي .
أصبح الأنترنيت أعظم وأسرع إعلام و ايصال الكلمة والمعلومـات وهو خزّانات معلوماتية هـائلة ... لذلك فقد اتّجه الرأيُ مؤخّرا إلى منح الأنترنيت جـائزة نوبل لدوره الكبيروالفعّـال في مناحي الحياة .
والدراسات الآن تدور بشأن من يتسلّم هذه الجائزة لاسيّمـا القسم المادي .
ومن صميم قلبي أتمنّى أن يتسلّمهـا موقعكم وأعضاؤه الكرام ..!!
مع هذا فهو ذو حدّين : سلبـي وإيجابـي .
وتتوقّف الافادة والإستفادة منه على الكتاب فيه والناشرين وأصحاب المواقع والقرّاء .
السؤال 22 :
أنت كمُحامي ذو خبرة كبيرة‘ ماذا تقول عن تشكيل برلمان سريـاني عـالمي وكيف ترى ذلك .؟
أقول :يـا ريــــت.!!!
لكن لمن نترك التناحر والتقاتل والجدل البيظنطـي على الاسم والتسمية ..؟؟
أرجع وأقول : يـاريت !! .. مع علمــي :
" ومـا نيلُ المطا لبِ بالتمنّـي ........ ولكِنْ تُؤخذ الدنيا غلابـا "
السؤال 23 :
إنّنا لا نرى لوبي سرياني‘ ما هو دور المؤسّـسات والشباب لتشكيل وتقوية لوبي سرياني عــــالمي؟
لوبي !! لوبي كلمة كبيرة ومُسيّسة ... عن أيّ ِلوبي تتكلّم يـا عزيزي ؟!!
اللوبي حتّى يكون لوبي؛ لا بدّ أن يكون له أرضية أو خلفية رأسمالية كبيرة ... أو أهمية اقتصادية محلية أو عالمية . أو تأثير اجتماعي مُهم أو اقتصادي أهم في محيطه على الأقل . أوشخصيات مُـهَيْمنة على مناصب مُهمة فعّالة .ترفع .تهبط .تُعلّي .تُنزّل. أو ذو تأثير فعّال في المجتمعات ـ ماليا أو سياسيا أو اجتماعيّا أو تنظيمياـ ..
قـلْ لي كم عدد الذين يملكون المصانع أو المعامل أو الشركات الكبيرة من شعبنا ؟!!.
كم واحد عندنا في مناصب هـامة على المستوى العالمي تطول يدهُ ؟!! كم واحد عندنـا في منصبٍ رفيع عـالٍ .محلّي اوعـالمي .. وأين ؟!!
كم عندنا واحد في حزبٍ حاكم في دولةٍ واين ؟ أو في حزبٍ معارض له وزنه في اتِّخاذ القرار .!!
كم عدد الذين يُعدّون من صنّاع القرارات من شعبنـا ؟ وأين.؟!!
إذن عن أيّ لوبي تتكلّم ياحبيبي ؟؟ !!
شعبُنـا صحيح طيّب المنبت .. عريق..أصيل .إلاّ أنّـه مٍسكــــين..
صدقني شعبنا مسكين... مسكين بدءا منّـي ومنّـك وإلى . . . ..
السؤال الأخـــير 24:
ما ذا تعني لك الكلمـات والأمــاكن التالية ؟ :
آ ـــ آزخ .
ب ـــ ديريــك .
ج ـــ قامشلــي .
د ــ دمشــق .
هـ ــ فـيزبـادن .
آ ـ آزخ :
ـــ مسقط رأسي. فيهـا شاهدتُ الحياة‘ وأصبحتُ من عداد هذا العالم
ـــ هي عرين هؤلاء الأشاوس الذين سطروا الملاحم البطولية في الدفاع عن الوجود والبقاء والعزّة والايمـان ... ولولا ذلك لما كُنـّا نحن موجودين أحيـاء نُرزق؛ وهم يتعرّضون للاضطهـاد والإبادة .
ــ هي حافظة رفاة أجدادي. وفي حوش كنيستهـا { كنيسة عزرت آزخ } وتحت الشجرة العتيقة تنعم رفــاة والدي في قبره.
ــ فيهـا خظوتُ أُولى خطواتي‘ ونطقتُ أُولى الكلمـات.
ــ في أزقّتهـا الهادئة الآمنة لعبتُ ومرحتُ. محروساّ ومشمولا بعناية عزرتها. ومن كرومها وجنائنهـا الغنّاء تغذّت طفولتي ونمت .
ــ فيهـا كانت أوُلى جلسة لي في مقعد الدراسة حيثُ تعلّمتُ الحرف اللاتيني التركي سنة دراسية في الصف الأوّل . ثُمّ هاجرتُ إلى القسم الآخر من بلاد مـا بين النهرين في القسم الموجود في سوريــا . وبالتحديد إلى ديريك ...
وإيفاء بحقّهـا عليَّ ومعزّتهـا في كياني . كتبتُ فيها وعليهـا الكثير . ونظّمْتُ
معجـمـا بلغّتهـا أسميته ( قاموس في اللهجة الأزخينية ) .
ولستُ الوحيد الذي كتب وتغنّى بعزّة ومجد آزخ ... بل هناك الكثيرون من أبنائهـا البررة. رأوهــا أو لم يروهـا ــ لا أريد أن أُعدد الأسماء ــ الشعراء شعرأٌ. والأُدبـاء نثرا. والمؤرخون تدوينا. والفنّانون نصوصاٌ وغناء ورسماٌ ونحتـا ... فاستحقوا التقدير والثنـاء.
ب ــ ديريك
مرتع الطفولة اليافعة‘ والمراهقة الشفّافة الحسّاسة .
ــ فيهـا تعلّمْتُ القراءة والكتابة .
ــ فيهـا عرفتُ نشوة وعذوبة أوّلِ نجـاح بتفوّقٍ وأنـا أحصل على أوّل
شهـادة عـامة ــ السرتفيكا ــ بدرجة الأوّل بين الناجحين في الجزيرة .
كُدْتُ أطير من الفرح؛ وانـا أسمع هذا الخبر. طبقا لقول عبد الحليم حافظ :
{ ... ملاقيش فرحان في الدنيا زيّ الفرحان بنجـاحو. }
ــ فيهـا وقفْتُ أوّل مرّة على خشبة المسرح. بالرغم من تواضعه آنذاك . لكنّه جعلني أحب التمثيل .
ــ فيها مشيتُ أوّل مشيةٍ كشفيةٍ كجرموز وكشّاف. ونمتُ في أوّل مُخيِّمٍ كشفي في ريفهـا الهادئ الآمن‘ وعلى ضفّة نهر دجلة .
ــ فيهـا هتفتُ لأوّل مرّة مع الهاتفين بكلمـاتٍ لم أكن وقتذاك أفهم معناها بالضبط . لكنني فهمتهـا فيمـا بعد :
{ انتداب ... استقلال ... الجلاء .. . شكري بك القوّتلي...}
ــ فيها أنشدْتُ مع المُنشدين أوّل مرّة نشيد : [ حُمـاة الدياري ...]
وفي / 17 / نيســـان أول عيدٍ للجلاء
.ــ فيهـا خفق قلبـي أوّل وأحلى وأرق خفقة حبٍّ . لفتاةٍ صارت فيما بعد حبيبتي‘ وشريكة حياتـي‘ أُم أولادي .( ام بشور العظيمة .. )
ج ــ القــامشلي :
مُنطلق عنان حياتي للعمل والعطاء مع الدراسة والتحصيل . . .
ــ فيهـا الانتقال من الشباب المبكر إلى صقل الرجولة. مُتدرّجـاٌ بخطواتٍ جريئة. وثقّة بالنفس .
ــ فيـها أمضيت غالبية عمري في الجد والعمل والبنـاء والتحصيل العلمي بشكل دراسة حرّة حتّى حصلْتُ على جميع شهـاداتي ...
وعلى ذكر البنـاء
ــ فيهـا بنيتُ بنايتـي بتصميم آساساتٍ قويةٍ تتحمّـل عددا من الشقق كي أخصَّ كلَّ ولدٍ من أولادي شقة . قبل تفشّي مرض الهجرة فيهم وفي الكثيرين من الشباب أمثالهم .{ يظهر كنتُ أحلم .!!!}
ــ فيهـا سمعتي . واغلب بصمــاتي ...
ــ فيها طلاّبي وزملائي.. وأصحـابي
ــ فيها مكتبي و مُوكّليني ..
ــ مع شعبهـا الطيّب الأصيل عشْتُ شبابي وسنوات العمر .
ــ في كنيستها ــ كنيسة مار يعقوب ــ تكلّلنـا أنا وعروستي .
ــ وفيها فرحتُ وأُسعدْتُ بإنجاب جميع أولادي .
د ــ دمشـــق.
دمشـق .. عاصمة من أوائل العواصم في العالم ...
ــ من جـامعتهـا حصلتُ على ليسانس في الحقوق .
ــ من معهدهـا التربوي حصلتُ على شهادة أهلية التعليم .
ــ في وزارة تخطيطهـا خضعْتُ لدورةٍ تدريبية بإشراف خُبراء من اليونسكو لإجراء عملية الاحصاء وعد السكّان. فطبّقتُ التعليمات ميدانيا في القامشلي. حيثُ تمّتْ أوّل عملية إحصاء وعد السكّـان بطرقٍ علمية حاسوبية في القطر السوري عام 1960 .
ــ في وزارة تربيتهـا خضعتُ لدورة تدريبية بإشراف خبراء تربويين من اليونيسيف. أجانب وسوريين لتعليم طرق التدريس التربوية الحديثة‘ وقمتُ بدوري بتعليم هذه الطرق والأساليب الحديثة للمعلّمين والمعلمات في القامشلي. بموجب دوراتٍ تدريبية مسلكية وتطبيقية في الصفوف سُمّيتْ وقتذاك ( التدريـب المستمر ).
ــ في نقابتهـا ــ نقابة المحامين ــ حصلْتُ على شرف العضوية‘ وهي التي منحتني مرتبة أُستاذ بالمحامــاة . أُحبُّهـا يا أخي أُحبهـا ...
ــ اُحب نبع برداهـا في سفح الزبداني؛ ونحن نقيم فيه المُخيّم الكشفي العربي ‘ ومخيّم القـــادة للكشّاف في صيف 1958 مدّة شهرٍ ...
ــ أُحبُّ زقـاق حنانياهـا. وبولس أعمى يتلمّسُ جدرانه مَضطربـا‘ يتمتم بجزعٍ وخوف : من أنتَ يا رب !! ردّا على السؤال الرهـيب : شاول شاول لمـاذا تضطهـدنـي ؟؟؟
ــ أُحبُّ مرجتهـا. والشهداء يتمرجحون بفخرٍ. تمرجح العزّ والوطنية والكرامة يوم 6 أيّـار في مشانق جمـال باشا السفّاح .
ــ أُحبُّ ميسلونهـا والبطل يـوسف العظمة يقف كالطود يزأر : لن تمرّوا إلاّ على جثـّتـــي ....
لكن والله أكره مطارهـا الدولي ... نعم أكرهه...أكره مُدرّجاته أكره سماءه..
ــ أكرهه وأنـا أودّع فيه ومنه ولدي الأول بشــور. يطير منه إلى السويد تاركــا دراسته للهندسة في جامعة حلب .
لستُ أعلم لماذا انتابني وقتذاك إحساسٌ مُخيفٌ. أنّ هذا أول معول هَـدْمٍ في صرحي ..وبوادر زلزالٍ يجرُّ هزّات . و...
كمـا لستُ أعلمُ كيف ورد في خاطري تـرديد العبارة الشهيرة : [ ذهب ولم يَعُدْ ] ــ ذهب مع الريح ... ــ لكن والله بصوتٍ مخنوق.
ــ ثـمّ جاء دور ابني الآخر الذي من هذا المطار وفيه ودّعته إلى بولونيا مُسافرا بقصد الدراسة . فراودتنـي مرّة أُخرى عبارة : [ ذهب ولم....]
ــ ثمّ جاء دور ابني الثالث الذي من هذا المطار وفيه ودّعته إلى ألمانيا .
وهنا صرختُ بانكسارٍ و بصوتٍ غير مسموع : و هذا أيضاٌ ذهب ولم يعد..
إذن لمن بنيتُ أنـا ؟؟ ..لمن عمّـرتُ وعلّيًتُ !!
ولماذا الأساسات التي تتحمّل عددا من الشقق لجمعهم !!!
وأخيرا ... أخيرا جاء اليوم الحاسم .. فمن هذا المطار ومن أرضه أقلعت بنا الطائرة قاصدة مطار فرانكفورد في المانيا .
هنـا حاولتُ جاهدا أنْ اضغط نفسي‘ وأن أُغـالب انفعالي الشديد وأحبسَ أيَّ دمعٍ. يُحاول أنْ يفلت. مُغطّيـا ضعفي أمـام من معي ــ زوجتي وبنتيَّ ــ ..
لكن للحقيقة والتاريخ أقرُّ أنّني بعد أن علوتُ فوق أرض المطار واختفى عن ناظريّ المودّعون. أحسسْتُ أنّ قلبي مُلتصق ٌبالأرض ــ في التربة ــ تحت. لايريد مفارقتهـا. وأخذتُ أشدّه نحوي. وكأنّـه كان مربوطا بحبل من المطّاط. فاقتُلعَ فجأة‘ وقفز إلى حلقي. وليس إلى صدري ...
أخذتُ أضغط حلقي وأتحسسُ حنجرتـي كمن يحسُّ باختناقٍ من معاناة حبل المشنقة. وحاولتُ أنْ اكتم شهيقي ... لكنّهُ فضحني ... فأطلقتُ العنان مُستسلما للدموع ... وأنـا اتمتمُ :
تـائهٌ قدْ هـزّهُ السفرُ ........ وهوَ بالترحـالِ يَنْتَحِرُ
يركَـبُ الأحْلامَ نحوى غدٍ ........ ضـائعٍ يلهـو به القدرُ
هـ ــ فيزبـادن wiesbaden
فيزبادن المدينة الجميلة. إحدى عرائس نهر الراين الخالد. هي عاصمة مقاطعة هيسن. فيـها أعيش منذ عشرين سنة‘ وهي وطني الثاني وأنا أُحبّهـا وأحمل جنسيتهــا وكذا زوجتي وأولادي.
ــ أحترم قوانينها. مُنْسجمٌ مع سكّانها. وأحسُّ بنشوة المواطنة المحترمة فيها.
ــ فيهـا احتفلنــا بعيد اليوبيل الذهبي لزجواجنـا بمرور خمسين عامـا.
ــ من رئيس بلديتهـا تلقّيْتُ بطاقة تهنئةٍ تحمل كلماتٍ رقيقة ٍ وعبارات تهاني لي ولزوجتـي مع هديّةٍ رمزيةٍ. حملهـا وقدّمها عنه مندوبه وهو يشاركنا هذه المناسبة .
ــ من رئيس وزرائها ــ رئيس وزارة مُقاطعة هيسن ــ تلقّيـْتُ ثناء وتهنئة ببطاقة جميلة بهذه المناسبة؛ أثـلجتْ صدورنـا وعزّزتْ من احساسنا بالمواطنـة
ــ هي محطّتـي الأخيرة وفيهـا أضع الترحال ....
ــ هي المحطّـة الحــــاسمة‘ والمُزْمـع ــ أقول المزمع ــ لأنّـه لايعلم الغيب إلاّ الله وحده ــ
أن تحتضن جثمـاني في تربتهـا الحنونة عندما يحلُّ القضاء ويصل قطار مشوار حياتي إلى المحطة الأخيرة ليقول :
[ لقَـدْ آنْ لـهذا الفـارسِ أنْ يترجّـلَ ]
أجرى المُقابلة الدكتور جبرائيل شيعا عبر الأنترنيت أيّـار 2010
والملفونو عبد الكريم يُرحّب بكلّ نقدٍ أو تعليق على مـا ورد في المقابلة على صفحات موقعـنا أوفي موقعه الخـاص (http://home.arcor.de/fbachir)
مع خالص تحياتي