قصة قصيرة تحكي عن محبة عجيبة.. تجلت في الأسبوع الأخير من شهر يناير عام 1982 حين هبت عاصفة ثلجية شديدة لم تشهد الولايات المتحدة مثلها منذ 1800.. ووسط هذه العاصفة العاتية طائرة بوينج 737 كانت تحلق على مدينة واشنطن وعلى متنها 78 راكب..
وفجأة وبدون مقدمات نتيجة تكاثر الجليد على جناحي الطائرة وذيلها فقدت الطائرة توازنها وارتمت بكل ثقلها في النهر المجمد وانفتح بابها بعنف.. فزع الركاب وهرعوا محاولين النجاة ولكن لم يتمكن سوى ستة أفراد من الامساك بذيل الطائرة الذي ظل بارزا وسط النهر المتجمدة مياهه. وكانت الطائرة تغوص رويداً رويداً.. وجاءت طائرة هليكوبتر بسرعة لتنقذ الركاب الناجين، وألقت الطائرة بحبل إنقاذ كطوق للنجاة على أول الركاب الستة الذين كانوا في حالة حرجة ويحطيهم الموت من كل جانب.
فما كان من الشخص الذي أَلقى إليه بحبل الإنقاذ أنه أزاحها إلى رفيقه الذي كان ماسكاً بيأس ذيل الطائرة الغارق، معطياً إياه هذه الفرصة للنجاة، فتم إنقاذه وتم إلقاء حبل الانقاذ لنفس الرجل الذي يصارع الموت فأزاحها أيضاً هذه المرة لرفيقه، وهكذا كلما ألقى إليه بحبل الإنقاذ حتى يعطيه لرفيقه حتى تم إنقاذ الخمسة ركاب، وفي المرة السادسة اختفى هذا الراكب وسط الجليد..
وعلق وندسور قائد الهليكوبتر قائلاً: في حياتي لم أر مثل هذه الرجل في هذا العالم الشرير!
واختفت أسماء الركاب من ذاكرة التاريخ، ولكن لم يختف من هذه الحادثة اسم هذا الراكب الباذل (جون ماير) والذي لقبته الصحافة الأمريكية بالمنقذ العالمي والذي تشبه بالهه..
فَإِنَّهُ بِالْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لأَجْلِ بَارّ. رُبَّمَا لأَجْلِ الصَّالِحِ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَيْضًا أَنْ يَمُوتَ.
وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا. (رو 8،7:5)