بعد نجاح زراعة الخضروات.. أول تجربة لتربية الأسماك في الفضاء!

[إسحق القس افرام]

بعد زراعة الطماطم والخس والبطاطس وغيرها من الخضراوات في الفضاء، تدور تساؤلات حول متى سيبدأ رواد الفضاء بتربية الأسماك على متن محطة الفضاء الدولية أو القمر.
وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، ساهم مشروع Lunar Hatch المبتكر في تعزيز إمكانية تربية الأسماك في الفضاء، ويهدف هذا المشروع الطموح إلى إثبات جدوى تربية سمك القاروص كحل غذائي مستدام لمهمات القمر والمريخ المستقبلية، وفق تقارير.
ويقود هذا المشروع العلمي الدكتور سيريل برزيبيلا، الباحث في علم الأحياء البحرية بالمعهد الوطني الفرنسي لأبحاث المحيطات (إيفريمير)، وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، يمكن لـ Lunar Hatch توفير سمك القاروص مرتين أسبوعياً على الأقل لسكان القمر.
في حوض يبدو عادياً داخل منشأة بحثية قرب مدينة بالافاس لي فلو الفرنسية، تُربى أسماك القاروص ضمن مشروع علمي طموح يحمل اسم "Lunar Hatch"، ويهدف إلى إرسال نسل هذه الأسماك إلى الفضاء، في خطوة غير مسبوقة لاختبار إمكانية تربيتها خارج كوكب الأرض.
وتُعتبر هذه الأسماك مصدراً غذائياً مثالياً لرواد الفضاء، لما تحتويه من بروتينات سهلة الهضم، وأحماض أوميغا 3، وفيتامينات B، وهي عناصر ضرورية للحفاظ على صحة العضلات في بيئة تنعدم فيها الجاذبية. أما التحدي الأكبر، فيكمن في كيفية إنتاج الغذاء المستدام بعيداً عن كوكب الأرض.
ولمواجهة هذا التحدي، يقترح الدكتور برزيبيلا إرسال بيض سمك القاروص المخصب إلى الفضاء.
ووفقاً للتقارير، ستوفر الرحلة إلى محطة الفضاء الدولية الوقت اللازم لفقس البيض، وفي البداية، سيتم رصد هذه المخلوقات المائية الصغيرة، ثم إعادتها إلى الأرض لتحليلها، لكن الهدف النهائي أعظم بكثير، وهو إنشاء مزارع أسماك على سطح القمر، و قد يبدو الأمر خيالاً علمياً، لكن الأساس قد وُضع بالفعل.
أكدت دراسة أجرتها برزيبيلا عام 2023 بشكل حاسم قدرة بيض سمك القاروص على تحمّل بيئة انعدام الوزن، وهو ما يُعد خطوة أساسية لنجاح رحلتها المستقبلية إلى الفضاء.
وإلى جانب ذلك، اجتازت بيضات القاروص المُستزرعة سلسلة من الاختبارات الصارمة، وأظهرت قدرتها على تحمّل الظروف القاسية لعملية الإطلاق والسفر عبر الفضاء.
كما قام علماء من جامعة مونبلييه بمحاكاة الدفع العنيف لصاروخ سويوز الروسي، وأثبتوا أن الاهتزازات الناتجة لا تعيق نمو الأجنة. ولم تغفل الدراسة تأثير الإشعاع الكوني، إذ تم تحليل تأثيره على خلايا الأسماك خلال الرحلة الفضائية، ما يعزز آفاق نجاح المشروع.
وتشير خطة التصميم الحالية إلى أن Lunar Hatch سيتألف من حجرات مُختلفة مقاومة للإشعاع لمختلف وظائف تربية الأحياء المائية، بما في ذلك إدارة مياه الصرف الصحي، وتتضمن إحدى الخطوات الأولية في نظام Lunar Hatch ذي الحلقة المغلقة استخدام مياه مُستقاة من الجليد القطبي القمري في أحواض الأسماك.
وسيتم إعادة تدوير المياه المُستخدمة في تربية الأسماك بالكامل، مما يضمن عدم هدر أي مياه، لتوفير حصتين أسبوعياً من الأسماك لسبعة رواد فضاء في مهمة مدتها 16 أسبوعاً، ويُقدّر فريق Lunar Hatch الحاجة إلى حوالي 200 سمكة قاروص.
وذكرت صحيفة الغارديان أن الفريق يهدف إلى إرسال 200 بويضة مخصبة إلى الفضاء، وعند العودة إلى الأرض، ستخضع مجموعة ضابطة من 200 سمكة شقيقة لمراقبة دقيقة للمقارنة.
وإرسال الكائنات المائية إلى الفضاء ليس بالأمر الجديد تماماً، حيث إن أسماك "الموميتشوغ" الصغيرة كانت أول "رواد فضاء" في مهمة أبولو عام 1973، ومنذ ذلك الحين، تبعتها أسماك الجوبي والزيبرا وأنواع أخرى من الأسماك، مما ساهم في فهمنا لعلم الأحياء في ظل انعدام الجاذبية في محطة الفضاء الدولية ومحطة تيانغونغ الفضائية الصينية.