مختصر خرافة اشتقاق أو تقارب اسمي سوريا/ سريان، وأشور
السريان المتأشورون قسمان: القسم الرئيس والأكبر والحقيقي هم النساطرة الذين هم والكلدان ليسوا من سكان العراق الأصليين، بل من أسباط إسرائيل العشرة التائهة الذين سباهم الآشوريون ونبوخذ نصر، ومنذ القرن 8 ق.م. تركوا لغتهم العبرية واستعملوا الآرامية، وعند مجي المسيحية ولأن السيد المسيح يهودي من الناصرة، والمبشرين الذين جاؤوا من فلسطين وأنطاكية هم يهود أيضاً من جلدتهم، ولغتهم آرامية مثلهم، فاعتنق أغلبهم المسيحية من منطلق قومي أكثر من ديني، لكن شعورهم القومي العبري بقي قوياً، فهم الوحيدون الذين سَمَّوا بطريركهم، بطريرك الناصرة، وخضعوا لكنيسة أنطاكية السريانية لأن لغتهم آرامية (سريانية)، ثم اعتنقوا مذهب نسطور وانفصلوا عن أنطاكية 497م، وسنة 1553م تكثلك أغلبهم فسمتهم روما كلداناً، وَسمَّى الإنكليز بقية النساطرة آشوريين، أمَّا القسم الثاني من المتأشورين فهم قلة من السريان، أرثوذكس وكاثوليك وكلدان، تأثروا بإحلام الآشوريين النساطرة السياسية بإقامة دولة آشور، وانخدعوا باشخاص مثل نعوم فائق +1930م، وهو معلم بسيط كان يفتخر بآراميته، ثم تأشور، فوصفه البطريرك أفرام برصوم بالمنافق.
إنَّ الآشورين الحاليين في كل كتاباتهم إلى سنة 1876م عندما سَمَّاهم الإنكليز آشوريين لا يستطيعون إثبات وجودهم وتاريخهم بصورة واضحة بدون مدلول جغرافي أو وصفي لكلمة أشور التي تأتي كاسم جغرافي لمدينة الموصل وأحيانا لأربيل، أو تأتي كصفة بمعنى عدو، والمفروض يذكرون أخبار آشوريين مثل: غرق قرية، اغتصاب وترميم كنيسة، حروب أو مشاكل معينة، بطريرك، شعراء، أطباء، لغويون، قواميس، احتفال بعيد أكيتو، العثور على رمز ثور مجنح صغير، ميدالية، خاتم في أحد دورهم أو كنائسهم، فرمان: ساساني، إسلامي، عثماني..إلخ، ولأن ليس لهم وجود، فهم بدل ذلك يتحدثون عن مفردتي آشوريين وسريان وتقاربهما أو اشتقاقهما من بعضهما لغوياً، وهذا يُسمَّى اشتقاقات لغوية بين الأسماء، معتقدين انهم يثبتون وجودهم بهذه الطريقة التي لا علاقة لها بالتاريخ، فالآشوريون الحاليون (المتأشورون) لا علاقة لهم بالقدماء، إنما هم آراميون سريان سرق لهم الإنكليز الاسم الآشوري القديم سنة 1876م وأطلقوه عليهم لأغراض سياسية، عبرية، وبما أن اسمهم الحقيقي (السريان) مرتبط باسم سوريا ولغتها، ولكي يبرروا اسمهم الآشوري الجديد المسروق، اخترعوا سنة 1897م نظرية طريفة هي: إنَّ اسم سوريا مشتق من آشور أو مختصر له منذ احتلال الآشوريين القدماء بلاد سوريا، أو أن اليونان اشتقوا كلمة سوريا من آشور وأطلقوها على سوريا..إلخ، ولهذا حسب نظريتهم فسوريا بالحقيقة هي بلاد آشور، والسوريون والسريان هم آشوريون..إلخ من هذه التخريجات والخرافات، والطريف أنهم لم يعتمدوا على مصادرهم وأقوال آبائهم بل ذهبوا إلى غربيين ولغوين تحدثوا عن الآشوريين القدماء فقط، ولم يتحدث أحداً منهم عن وجود آشوريين معروفين في التاريخ من حوالي القرن الخامس ق.م.إلى 1900م، وهؤلاء الغرباء تحدثوا عن علاقات لغوية لأسماء ببعضها، من ضمنها رأي أنَّ اسم سوريا مشتق من آشور، ولم يقل أحداً منهم أنَّ السريان هم آشوريون بل أكَّدَ جميعهم أن السريان هم الآراميون، وأنَّ السريان والآشوريون القدماء شعبان مختلفان، بل عدوان، والأطرف أن المتأشورين تركوا لغتهم الأم، واعتمدوا على الإنكليزية وهي لغة حديثة منذ حوالي 400 سنة، قائلين أن اسم سوريا الأصلي بالإنكليزي هو (Assyria)، وقد سقط حرفا As، وأصبحت (Syria)، والحيلة الأخرى التي يعتمدونها، أنهم شجعان وأذكياء مع بني جلدتهم من الناس البسطاء فقط، فهم يطبقون نظريتهم على السريان، ويُسمُّونهم آشوريين، لكنهم يهربون من تطبيق نظريتهم على دولة سوريا، والسؤال المحرج لهم: إذا كان اسم سوريا مشتق من آشور، فلماذا في مقالاتهم وقنواتهم الإخبارية لا يُسمُّون سوريا، الجمهورية الآشورية، ودمشق عاصمة بلاد آشور، ومثلاً زار الرئيس الآشوري بشار الأسد حمص؟، والحيلة الأخرى أنهم يستعملون قاعدة، تعطيني غزال أعطيك غزال، تعطيني أرنب أعطيك غزال أيضاً، فهم يترجمون كلمة (ܣܘܪܝܝܐ سرياني) من السريانية إلى اللغات الغربية كالإنكليزية إلى (Assyrian لتعني آشوري)، أمَّا إذا كان العكس وترجموا عبارة الملك سنحاريب الآشوري من الإنكليزية إلى السريانية، فيبقى سنحاريب (ܐܬܘܪܝܐ الآشوري، وليس ܣܘܪܝܝܐ السرياني)، ويترجمون متحف Assyrian في لندن بالعربية والسريانية أيضاً، متحف آشوري وليس سرياني، ويطبِّقون هذه القاعدة أيضاً عندما يترجمون من العربية كلمة سرياني إلى الإنكليزية لتصبح (Assyrian)، أمَّا العكس إذا ترجموا (Assyrian) للعربية، فتبقى آشوري، وأحياناً يستعملون طرق رياضية، لكن باتجاه واحد فقط، فيكتبون كلمة (سريان ܣܘܪܝܝܐ=Assyrian)، لكن عندما تُعكس المعادلة، فكلمة (Assyrian=ܐܬܘܪܝܐ آشوري)، وقد نسي هؤلاء:
أولاُ: إن أصل اسم القوم هو كيف يُسمُّون أنفسهم وهويتهم بلغتهم، وليس كما يسميهم الآخرون كالإنكليز بلغتهم التي عمرها حوالي 400 سنة، بل على العكس، المفروض أن الإنكليز وغيرهم من حديثي العهد يسألون عن أصلهم وفصلهم الآشوريين الذين يدَّعون أن تاريخهم يمتد 8000 سنة، فكلمة سريان في قواميس لغة المتـأشورين الأصلية هي (ܣܘܪܝܝܐ سوريَيا)، وتختلف جذراً واشتقاقاً وحروفاً ونطقاً ومعنىً، مع كلمة (أثوريين أو آشوريين ܐܬܘܪܝܐ) مثلما تختلف كلمة هندي عن صيني، ياباني عن ألباني، ولأن اللغة هي هوية القوم، فالخرافة الأخرى للمتأشورين اليوم الذين لغتهم هي الآرامية أو السريانية، هي أن الاشوريين القدماء منذ قرن 8 ق.م. تركوا لغتهم القديمة وكان اسمها سوريت واستعملوا الآرامية واسماها سورث، لذلك لغة السورث يعني آشورية، والأمر الطريف 1: أن الآشوريين القدماء لم يكن لديهم لغة أصلاً، بل كانت اسم لغتهم هو الأكدية بلهجة آشور الجغرافية، لذلك علماء الآشوريات كما يقول راولنصون اننا بعدما اكتشفنا ان لغة دولة آشور هي الأكدية علمنا أن قومية الآشوريين هي الأكدية، والأكدية هي لهجتان جغرافيتان بابل وآشور، والأكدية تختلف عن الآرامية كاختلاف الإنكليزية عن اليونانية، فالأكدية قريبة من السومرية وكثير من علماء اللغات يريدون إخراج الأكدية من عائلة اللغات السامية واعتبارها سومرية، 2: كلمة سورث ليس لها علاقة بكلمة آرام، بل بكلمة لغة سريانية المستعملة بعد الآف السنين من سقوط دولة آشور، 3: أصلاً سورث ليست فصحى بل كلمة عامية بصيغة مؤنثة معناها سريانياً، بحسب السريانية، مثل قردث كردية، وتركث تركية، 4: لا توجد باللغة السريانية مفردة لغة المونثة، بل بصيغة مذكر، اللسان السرياني، مثل العربية لسان عربي، والخدعة الأخرى أن الاشوريين القدماء تركوا الحرف المسماري واستعلوا الآرامي، وهذا غير صحيح، فاللغة الأكدية وخصائصها وقواعدها واشتقاقاتها وأصواتها..إلخ، تختلف عن خصائص الآرامية كليَّاً، ولا علاقة للحرف باسم اللغة، فالفرس والأكراد يستعملون حرف عربي لكن لغتهم ليست عربية، والعرب يستعملون حرف سرياني وقبلهم الأرمن، لكن لغتهم ليست سريانية، والخرافة الاخرى أن المتأشورين يدرجون ألفاظ أكدية وآرامية متشابهة، وهذا لا علاقة له باسم اللغة أيضاً، فالعربية فيها حوالي 3000 لفظة سريانية، والسريانية فيها حوالي 4000 لفظة يونانية، والأنكليزية فيها ألفاظ يونانية وحتى عربية، لكن كل لغة مستقلة باسمها وخصائصها.
ثانياً: مع أنه كما ذكرنا لا علاقة لتقارب او اشتقاق او تطابق اسمين، بهوية الشعب، وكلمتا سوريا وآشور تختلفان في السريانية لغة القوم الأصلية وهو المهم، وعدا ذلك فهي تختلف في اللغات القديمة كاليونانية والعبرية، ففي اللغة اليونانية القديمة كلمة سوريا وسريان Σύρου، Συρίας، Σύριο، بينما آشور Ασσυρίους، ويؤكد عالم الآشوريات جورج راولنصون سنة 1860م، وبالذات في تعليقه على المؤرخ هيرودتس، أن كلمة سوريا لا علاقة لها بآشور، بل مشتقة من صور اللبنانية التي كانت مرفأ مهماً، ولشهرتها قديماً، عَمَّ اسمها شيئاً فشيئاً على كل سوريا وبلاد الشام، وكلمة سوريا تختلف عن آشور في كل اللغات القديمة، علماً أن هيرودتس كان جالساً في قبرص وكتب أحداث ماضية قبل عصره، وقد ميَّز بين الآشوريين والسريان بشكل واضح عشرات المرات، وفي نفس الجملة، ولأن هيرودتس يعتمد على اللغة في تحديد القوم فقد فاعتبر شعب كبادوكية وغيرهم سريان، لذلك في كتاب 7 فقرة 63، قَسَّم الجيوش حسب لغاتهم وتحدث عن المقاتلين من بلاد آشور الجغرافية أنهم سريان، لأن جميع ذلك الجيش كانت لغته سريانية، ويقول روالنصون في شرحه فقرة 63: إن جذر كلمة سوريا بالعبرية (צור)، وهو مطابق لجذر صور اللبنانية التي المرجح أن اسم سوريا والسريان منها، بينما جذر آشور بالعبرية (אשור)، علماً أن كلمة آشور بالعبرية هي آششور، بتشديد الشين (Asshur)، ومن العبرية أخذها اليونان ثم اللاتين فكتبوها دبل (ss) Assyria لعدم وجود الشدة في اليونانية واللاتينية، أي صيغة أشور هي عبرية، والعرب أخذو من السريان ܐܬܘܪ، فكتبوا، أثور، كالمسعودي والطبري وابن خلدون والحموي، ولم ترد عنهم صيغة آشور مطلقاً، مثلما لم ترد عند السريان الذين كتبوا بالسريانية والعربية صيغة آشور مطلقاً، بل ܐܬܘܪ وأثور، كما في المجدل والسعردي والصوباوي وبرشينايا، وأيضاً كل التاريخ المدني والديني كالكتاب المقدس ذكر بالسرياني والعربي اسمها سوريا بالواو والإلف، وليس آسيريا أو سيريا كما كتبها اليونان والرومان لتعني بلاد آشور، وحتى اللغة الأرمنية التي من الغريب أن يتشدق بها المتـأشورون أحياناً، فالأرمن استعملوا اللغة والحروف السريانية إلى سنة 410م، ومع ذلك فقد ميَّزت اللغة الأرمنية دائماً بوضوح تام بين سرياني وآشوري، فالسرياني Asoric واللغة السريانية Asoreren، وسوريا Asorik، بينما بلاد آشور وآشوريين (Asorestan)، (Asorestants'i).


الخلاصة: إن المــتأشورين أي السريان النساطرة الذين سمَّاهم الإنكليز آشوريين عندما يزوِّرون التاريخ، يذكرون عبارة على شاكلة، لا تقربوا الصلاة ويسكتون، فيقولون: إن اسم سوريا مصدره آشور، لكنهم لا يذكرون: ماذا كان اسم سوريا وشعبها قبل أن تُسمَّى سوريا؟، لأنهم يعرفون أن اسم سوريا كان بلاد آرام وشعبها آرامي، ثم أليس هذا اعترفاً صارخاً أن سوريا ليست آشور؟، فلماذا يُطلق اسم آشور على سوريا إذا كانت هي آشورية أصلاً؟، علماً أن اسم سوريا ليس مشتقاً من آشور، وهذا هو أحد الآراء اللغوية من حوالي 15 رأياً، والرأي الصحيح أنه من مدينة صور، لكن ولكي يقتنع المتأشورون، نقول: إذا افترضنا أن الرأي الصحيح والوحيد فقط هو أن اسم سوريا من آشور، فذاك لا يعني أن سوريا هي بلاد آشور، والسوريون أو السريان هم آشوريون، فتقارب او تطابق اسمين مشتق احدهما من الآخر لا يعني أن هويتهما وقوميتهما ولغتهما وثقافتهما هي واحدة، واسم سوريا أُطلق على قوم لهم اسم وثقافة وحضارة هو الآراميين الذين يختلفون حسباً ونسباً، تاريخاً وجغرافيةً، لغةً وثقافةً ملوكاً وآلهةً..إلخ، عن الآشوريين، بل أنهما شعبان عدوان تقليديان في كل التاريخ المدني، وراجع زينفون وغيره، وكذلك الكتابي في العهد القديم وانظر (سفر الملوك 2/ 16: 7) كيف يقاتل ملك آشور ملك سوريا، علماً أن كلمة آشوري في قواميس مؤلفي أسلاف من يُسمُّون اليوم أنفسهم زوراً آشوريين، معناها الأعداء، ويقول مار أفرام السرياني: الجحيم مليئ بالاشوريين والسدوميين (أهل سدوم اللوطيين)، وآشور الدنسة هي مصدر العهر، وإلى اليوم يصلي السريان عصر الأحد في الأشحيم: يا رب انقذنا من الشيطان والآشوريين، وفي جمعة صلب المسيح يُشبَِّه السريان صالبي المسيح اليهود بالآشوريين، طالبين من الملاك جبرائيل سحقهم، ويُشَبَّه البرفسور الأمريكي جون جوزيف إدعاء الآشوريين الحاليين انحدارهم من القدماء بقول أستاذ تاريخ الشرق القديم في جامعة كاليفورنيا ميخائيل موروني إنه شاهد متسولاً إيرانياً شيعياً جالساً في كرمنشاه يدَّعي بصوت عال أنه سليل الإمام الحسين وحفيد الرسول محمد لكي يكسب عطف الناس. (ملاحظة 1: جون جوزيف هو عراقي سرياني نسطوري، أي من ملِّة من يُسمُّون أنفسهم آشوريين، لكنه ينكر التسمية الآشورية).
