حديثٌ في قلب الجبل بقلم بنت السريان

أضف رد جديد
بنت السريان
أديبة وشاعرة
أديبة وشاعرة
مشاركات: 16513
اشترك في: السبت يونيو 05, 2010 11:51 am

حديثٌ في قلب الجبل بقلم بنت السريان

مشاركة بواسطة بنت السريان »



حديث في قلب الجبل
بقلم
صورة
بنت السريان

وعلى غير موعدالتقيته جالساً فوق صخرة في قلب جبل الألفاف سارحأً في خياله متأملاً, منعزلاً , يشارله بالبنان.
ألقيت التحية من باب الأدب والأخلاق ,ردَّ بأجمل منها ,مع شبه ابتسامة, لن أعِر لها أهتماما.
تخطّيته,ويممت وجهي نحوارتقاء الجبل.
أمام رهبة الطبيعة وروعتها,التزمت الصمت,وكأّني في محضر
مقدّس أمام خالقها ,تأسرني بهدوئها ,وبرهبتها تلزمني الصمت.
مَن معي مِن الصديقات والأقارب على مقربة وفي انتظاري ,حيث لا يمكننا صعود الجبل إلا جماعات للحيطة والحذر.
بعد ساعة أو ساعتين عدنا متعبين تغمرنا السعادة,وبيننا من التحدّي لمن يفوز بالجعالة في الوصول للدير.
وجدنا البعض من الإخوة والأخوات في نقاش ساخن مع صاحبنا المنعزل في قلب الجبل,انظممنا للمجموعة ,مصغين لما يجري حول معطيات المناقشة,.
أتّخذتُ لي من الصخرة مقعدا بالقرب منه,وكلي شوق لسماع ما يقول , ومن خلال حديثه أدركت ,أنّ من يدعونه بالصامت المنعزل ,إنما عالِم مجهول يحاور ربه ,وفي صمته يخترق آفاق الكون ,.
,تتعاقب الفصول مسرعة, وتمر السنين تباعاً,والخلائق تتنافس لنيل مستقبل أفضل,دول تتصارع,ونجوم تتهاوى,وليد يدخل الدنيا يصرخ متمرداّ لولوجه عالم غريب عنه ,وأخر يودعها راضخاً بين همسات الرثاء ونحيب الدموع,أقاويل أحداثٍ صاخبة تفزع البشر ,شعب مضطرب, ورياح صفيرها مقلقٌ,غيوم حالكةٌ تنبيءُبأمطار سوداء,والسفن تمخر عباب الماء,في بحر الحياة,وهناك المتناقضات ,أفراح ومسرات ,أحزان وويلات,اختراعات واكتشافات ,تفوق إدراك البشر, مواهب خارقة تتحدّى المعقول,عقول بشرية تتلاعب بمصير شعوب,ثورات تتوالى ,ضحايا بشرية ,مجاعات موزعة في أنحاء العالم وعلى مدار السنة, كوارث طبيعية ,خارجة عن طاقة البشر.
هكذا سبروا العالم في نقاشهم ,جوا وبحرا ويابسة,,أفكار سوداوية تتعبهم بالليل والنهار, أمور لا مرئية تقلق راحتهم, وتيار الإعصار يسرع في دورانه ,يجتاح دواخلهم ,أسرار الكون غامضة وليس من القدرة على سبر كنهها.
يوم جئنا به للدنيا, وبآخر سنرحل ,هذه هي الحياة بنظرهم لا أكثر ولا أقل.
إذن فلنتمتع بمباهج الحياة ,آخرتها موت
كان هذا رأيهم بالحياة.
هذه الأفكار وتلك ,حوَّلت حياتهم إلى تساؤلات لا جواب لها ممن يحيطون بهم ,وكأني بهم قد وقعوا في حومة اليأس ولا أمل لهم يرجى, لقد تزمّت بهم الأمر, والصامت المنعزل راهب الدير يرمقهم بنظرات شفقة وهزّة رأس ,وكلمات تأسّف, وقد ارتسمت على محيّاه ابتسامة خفيفة ,توحي لي بأنه يستهزيء بجهلنا ,
وأخيرا نطق , وبهدوئه المعتاد
,قال:
ألم يقل وجعلتكم آلهة, إذن كل أمر لنا بمستطاع,لا مستحيل في المسيحية
قدراتكم فائقة,لو قلتم لهذا الجبل إنتقل يطيعكم ,إن كان لكم إيمان بقدر حبّة خردل,
لقد شرنقتم حول مواهبكم
إنّي أشفق عليكم
بعيدون أنتم عن الرب.
لم أكن أستطع الكلام حينها, أمام هذا الكم من المحيطين بنا’, كي لا أشاطره موقفه الذي لا يحسد عليه, لكني كنت على قناعة تامة بما يحدثّهم, أوافقه القول بإيماءة خفيفة مني ونظرة تعجب, من خلالها فهم من أني على وفاق معه ,وبصمت حدّثت نفسي قائلة
صدق من قال :
إنّ العالِمَ بين الجُهّال يبدو أنه مجنون.
إفترقنا بعد أن حزمنا أمتعتنا وعدنا أدراجنا إلى بيوتنا للخوض في معترك الحياة, تركنا الصامت المنعزل( راهب الدير) وحديثه لا يبارح ذهني, كم كنت أتمنى مجاذبته أطراف الحديث ولساعات طوال,أسبر أعماقه , وأغوص في بحرنفسه العميق ,لأتعرف على عالم دواخله, فعالمه بحر خضمٌّ مجهول بالنسبة لنا.
لعمري , كم بدونا بالفعل حيوانات ناطقة , همها الوحيد,العوم في بحر الحياة الصاخب, نصارع أمواجه كي لا نغرق,ومن دون قارب وشراع,وسفينة نوح تنتظر الإبحار.
كلما سرحت بأفكاري بعيدا, يقطعها حديث المنعزل هذا , فأذهب إلى أننا , لسنا سوى أموات متحركة, تتقاذفها أمواج الحياة وتسيّرها كيفما تشاء.
لقد أقفلنا الأبواب ,وسجنّا المواهب التي منحها الله لنا ,والفكر الخلاق الذي زودنا به, وبه ميّزَنا عن الحيوانات.
قال له المجد : وجعلتكم آلهة !!!
وفي موقف آخر قال وتعملون الأعمال التي اعملها وأكثر.
فأين نحن من هذه المواهب التي منحت لنا خارجة من فم الله؟
أين نحن من هذا كله
أين نحن من هذه النعم التي مُنحنا بها
أرى أنه لوكان لنا فعلاّ إيماناً بقدر حبة خردل لقلنا للجبل إنتقل من هنا فيطيعنا, ونحن في مأمن من حياتنا
أليس هكذا وعدنا ؟؟!!
فينا قدرات خارقة لكن ليس لناإيمان بتلك القوة الالهية التي تعمل فينا
لو كان لنا إيمان لفعلنا مقتدرين بقوة الإيمان التي قال عنها يسوع
لذا فالأعمال بدون الإيمان ميّتة
الله محبة صورة
بنت السريان
سعاد اسطيفان
صورة العضو الرمزية
إسحق القس افرام
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 49597
اشترك في: السبت إبريل 17, 2010 8:46 am
مكان: السويد

Re: حديثٌ في قلب الجبل بقلم بنت السريان

مشاركة بواسطة إسحق القس افرام »

أرى أنه لوكان لنا فعلاّ إيماناً بقدر حبة خردل لقلنا للجبل إنتقل من هنا فيطيعنا، ونحن في مأمن من حياتنا
أليس هكذا وعدنا ؟؟!!
فعلاً ما رويتيه لنا كاتبتنا المتميزة بنت السريان هو حقيقة مائة بالمائة
فاليوم نبتعد عن المخلص ونفتح مجالاً للشر والنميمة والكره والحقد
بارككِ الرب ومنحكِ ثوب الصحة والعافية والعمر المديد.
دام قلمكِ المبدع
:croes1: فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ :croes1:
صورة
صورة
صورة العضو الرمزية
فريد توما مراد
عضو
عضو
مشاركات: 764
اشترك في: الجمعة أغسطس 31, 2012 9:00 am

Re: حديثٌ في قلب الجبل بقلم بنت السريان

مشاركة بواسطة فريد توما مراد »

الأخت القديرة بنت السريان .
بداية لكِ كل الشكر وأنت تنطلقين من قلب جبل الألفاف ، هذا الجبل
المبارك الذي يحتوي ذخائر القديس مار متّى الشيخ ، وإبن العبري
وغيرهم من الآباء والنسّاك القديسين .
أنا أرى الحديث في مثل هكذا أماكن مقدّسة ، يجب أن يترفّع تلقائيّاً عن
الأمور الدنيويّة ولو إلى حين ، لأنّه وأنت هناك ، لك الفرصة لتحلّق في السماويّات
بعيداً عن تشويشات هذه الدنيا الفانية .
راهب الدير صمت ، فتكلّم قليلاً ، لكنه أعطى المغزى ، وأصاب الهدف في الصميم .
الكل ينظر إلى هذه الحياة بمنظاره الخاص ..
وهنيئاً لمن يرى الوجه الحقيقي للمسيح .

لكِ كل الشكر والتقدير على ماخطّت أناملكِ ، وعلى هذا السرد الشيِّق
بركة عزرت آزخ تكون معكِ .
أخاكِ بالرب
فريد
[/size]
بنت السريان
أديبة وشاعرة
أديبة وشاعرة
مشاركات: 16513
اشترك في: السبت يونيو 05, 2010 11:51 am

Re: حديثٌ في قلب الجبل بقلم بنت السريان

مشاركة بواسطة بنت السريان »

أخي اسحق القس المبارك
تحية ومحبة أخوية من القلب لك ولأسلوبك الروحي بالتعقيب والردود
يرعاكم الرب وعائلتكم ويكللكم بتاج الصحة

اختكم بنت السريان
الله محبة صورة
بنت السريان
سعاد اسطيفان
بنت السريان
أديبة وشاعرة
أديبة وشاعرة
مشاركات: 16513
اشترك في: السبت يونيو 05, 2010 11:51 am

Re: حديثٌ في قلب الجبل بقلم بنت السريان

مشاركة بواسطة بنت السريان »

فريد أخي وعزيزي
ما أجمل الكلام عندما يتوج بأكليل المحبة فإنه ينبع من القلب
تعابيركم وردودكم الصادقة إنما دليل على طيب قلبكم ونبل أصالتكم
جبل الألفاف وما أدراك ما جبل الألفاف
عيوننا تتوق لمنعطفاته وصخوره والأيام التي قضيناها بين ظهرانيه
ونحن في الغرية الجوفاء
آه ليت تعود تلك الأيام
يحفظكم الرب
وليدم تواصلكم الأخوي الصادق

بنت السريان

الله محبة صورة
بنت السريان
سعاد اسطيفان
أضف رد جديد

العودة إلى ”منتدى الأدب“