سبحان الله في خلقه

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
حنا خوري
عضو
عضو
مشاركات: 1252
اشترك في: السبت مايو 15, 2010 2:39 pm

سبحان الله في خلقه

مشاركة بواسطة حنا خوري »


في الستينات من القرن الماضي ،وخلال عملي في حقول رميلان ، ومن قراآتي في تلك المرحلة من قصص الأدب الروسي ..لمكسيم غوركي ، ودويستويفسكي ، وميخائيل شولوخوف .......كانت الحياة متشابهة ، عندنا في منطقة الجزيرة ، مع الحياة في المجتمع الروسي حينها ، من تشابه نمط العمل .فكان الإستيقاظ الساعة الخامسة فجراً صيفاً وشتاءاً ، وبسرعة نرتدي لباس العمل ، وأحياناً كنا نتمايل في الشوارع ، وهذا يزرر بنطاله وذاك يشد رباط حذائه ، ونحن في هرولتنا لنلحق بقافلة الباصات التي كانت تتجه من القامشلي إلى رميلان ...
لا نكاد نصعد ويجلس كلٌ في مكانه ..... حتى نغطّ في نوم عميق لنكمل ما ينقصنا من سويعات الراحة والنوم ... كانت الطريق بحدود 90 كم ...لم أعرف وأرى وغيري كذلك معالمها إلا بعد أن تركنا العمل في الحقول إلى أعمال أخرى ، كنا نمر في طريقنا على القحطانية ، والجوّادية ، وباب الحديد ،لا نعرفهم إلا من عدد الخضّات والهزّات في الباص ومدى إنحراف زاوية الدوران ....نعلم أننا وصلنا إلى المكان الفلاني ونحن نيام.
كان أغلب السائقين يقودون الباصات وعيونهم تحارب النعاس ، وفي العودة من هناك في نهاية الدوام كنا نسرع إلى الباصات ونتهالك على المقاعد و ............هات يا .. نوم .
في أحد الأيام ، والقافلة تسير بطريق العودة إلى القامشلي ، تمهّل الرتل وبدأ يسير بكل هدوء ، تسألنا عن السبب ..قال لنا السائق هناك حادث في الطريق ، الكل يحاول أن يسابق الآخريين لينزل ويستطلع الخبر والحادث ..
كان الحادث مؤلماً ، الوقت صيف ، نهاية الحصاد ، وجرت العادة في مجتمعاتنا الريفية هناك أنه في نهاية الموسم تبدأ حفلات الأعراس والزواج ، وكانت تلك القرى لاتهدأ يوميا هناك عرس وأرتال البيكابات تسرح وتمرح في تلك البراري ...ممتلئة من المدعويين وهم يغنون ويرقصون ..
كان يومها أحد تلك الأرتال ...أحد هذه الأعراس ، وقد تصادمت سيارتان بيك آب محملتان بالعديد من الرجال والنساء ، وتبعثر المصابون هنا وهناك ، بين جريح ومكسور وبعض الإصابات البليغة ولكنها قليلة ، هرولنا جميعاً للنجدة وإنقاذ المصابين ولا سيما الخطرين ولدينا الباصات الكبيرة التي تستوعب الكثير من الأشخاص ....
وبرفقة بعض الأصدقاء جعلنا نتفقد في من هو بحاجة أكبر إلى الإسعاف السريع لنوصله الى المستشفى بينما الخفبف إصابته نتركه لمن يأتي بعدنا .
إسترعى إنتباهنا أحدهم وهو في أسوأ حالة على الإطلاق ، قد تشوّه منظره بالكامل ، صراخه حاد وأليم ،كان الدم يسيل من كافة أطرافه ،يومي بيده أن إلحقوني ، إقتربنا منه وما إن لمسه أحدنا حتّى دوى صراخه قوياً ،فإجتمعنا عليه ، وحاولنا أن نرفعه برفق ، الى الباص والبعض يواسيه ، ويشجعه لئلا ييأس من هذه الفاجعة . لا تخف يا أخي .. لستَ بحالة صعبة .. الحمد لله على سلامتك ... البعض بالعربي .. والبعض بالكردي ...ليفهم .
أخيراً رفعناه عن الأرض حسبتُ أن أحشائه بقيت على الأرض من كثرة ما سال منه من دم .ومع تلك الرفعة صرخ صرخة من الوجع ، حسبنا أنه أسلم روحه ، لكنه أخذ نفساً عميقاً ، وقال لنا بكل وضوح وهو متأثر جداً ... وبلغته الكردية وبما معناه ...
والله العظيم ، خرب بيت أبو اللي جاب الشوفير ....لأنّو ...لا شهادة سواقة معه ، ولا حتّى هويّة .......ثم غاب عن الوعي وهو بين أيدينا .
نظرنا لبعضنا البعض ونحن في قمة الذهول ، ...؟؟؟ هل هذا وقت هذا الكلام ؟؟؟ وأنت ما الذي ستجنيه من هذه القصة ؟؟ وما الذي سينالك من هذه المسألة .
وأنت في هذه الحالة بين الحياة والموت ......إيـــــــــــــه...... سبحان الله ....في خلقــــــــــــه ......؟؟
صورة العضو الرمزية
إسحق القس افرام
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 49764
اشترك في: السبت إبريل 17, 2010 8:46 am
مكان: السويد

Re: سبحان الله في خلقه

مشاركة بواسطة إسحق القس افرام »

يطيب لي قراءة القصة من البداية وحتى النهاية، لأنها حقيقية ومؤلمة وهناك الكثير من الذكريات فيها
ما اجمل ان نتذكر ماضينا
فعلاً لقصة مؤلمة
ربنا يبارك حياتك ملفونو حنا
:croes1: فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ :croes1:
صورة
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”܀ حـــدث فـــى مثـــل هـــذا الـــيوم!“