تأملات -14 حديث في قلب الجبل بقلم بنت السريان

أضف رد جديد
بنت السريان
أديبة وشاعرة
أديبة وشاعرة
مشاركات: 17885
اشترك في: السبت يونيو 05, 2010 11:51 am

تأملات -14 حديث في قلب الجبل بقلم بنت السريان

مشاركة بواسطة بنت السريان »


تأملات( 14 )
حديث في قلب الجبل
بنت السريان
صورة

إلتقيته على غير موعد جالساً فوق صخرة في قلب جبل الألفاف سارحأً في خياله,متأملاً, منعزلاً , يشارله بالبنان.
ألقيت التحية من باب الأدب والأخلاق ,ردَّ بأجمل منها ,مع شبه ابتسامة, لن أعِر لها أهتماما.
تخطّيته,ويممت وجهي نحوارتقاء الجبل.
أمام رهبة الطبيعة وروعتها,التزمت الصمت,وكأّني في محضر
مقدّس أمام خالقها ,تأسرني بهدوئها وتلزمني تأملٌ برهبتها.
مَن معي مِن الصديقات والأقارب على مقربة, وفي انتظاري ,حيث لا يمكننا صعود الجبل إلا جماعات للحيطة والحذر.
بعد ساعة أو ساعتين عدنا متعبين تغمرنا السعادة,وبيننا من التحدّي لمن يفوز بالجعالة في الوصول للدير.
وجدنا البعض من الإخوة والأخوات في نقاش ساخن مع صاحبنا المنعزل في قلب الجبل,انظممنا للمجموعة ,مصغين لما يجري حول معطيات المناقشة,.
أتّخذتُ لي من الصخرة مقعدا بالقرب منه,وكلي شوق لسماع ما يقول , ومن خلال حديثه أدركت ,أنّ من يدعونه بالصامت المنعزل ,إنما عالِم مجهول يحاور ربه ,وفي صمته يخترق آفاق الكون ,.
,تتعاقب الفصول مسرعة, وتمر السنين تباعاً,والخلائق تتنافس لنيل مستقبل أفضل,
دول تتصارع,ونجوم تتهاوى,
وليد يدخل الدنيابصرخة متمرّد هجِّر عن داره, يلجُ عالماً غريباً عنه ,
وأخر يودعها راضخاً بين همسات الرثاء ونحيب الدموع
,أقاويل أحداثٍ صاخبة تفزع البشر ,شعب مضطرب, ورياح صفيرها مقلقٌ,غيوم حالكةٌ تنبيءُبأمطار سوداء,والسفن تمخر عباب الماء,في بحر الحياة
,وهناك المتناقضات ,أفراح ومسرات ,أحزان وويلات,اختراعات واكتشافات ,تفوق إدراك البشر, مواهب خارقة تتحدّىالمعقول,
عقول بشرية تتلاعب بمصير شعوب,ثورات تتوالى ,ضحايا بشرية ,مجاعات موزعة في أنحاء العالم وعلى مدار السنة, كوارث طبيعية ,خارجة عن طاقة البشر.
هكذا سبروا العالم في نقاشهم ,جوا وبحرا ويابسة,,أفكار سوداوية تتعبهم بالليل والنهار, أمور لا مرئية تقضّ راحتهم, وتيار الإعصار يسرع في دورانه ,يجتاح دواخلهم ,أسرار الكون غامضة وليس من القدرة على سبر كنهها.
يوم جئنا به للدنيا, وبآخر سنرحل ,هذه هي الحياة بنظرهم لا أقلَّ ولا أكثر
إذن فلنتمتع بمباهج الحياة ,
آخرتها موت
كان هذا رأيهم بالحياة
هذه الأفكار وتلك ,حولت حياتهم إلى تساؤلات ,لا جواب لها ممن يحيطون بهم ,وكأني بهم قد وقعوا في حومة اليأس ولا أمل لهم يرجى, لقد تزمّت بهم الأمر,
والصامت المنعزل راهب الدير ,يرمقهم بنظرات شفقة.
مع هزّة رأس ,وكلمات تأسّف, وقد ارتسمت على محيّاه ,ابتسامة خفيفة ,توحي لي بأنه يستهزيء بجهلنا ,
وأخيرا فضَّ صمته , وبهدوئه المعتاد
,قال:
ألم يقل وجعلتكم آلهة, إذن كل أمر لنا بمستطاع,لا مستحيل في المسيحية
قدراتكم فائقة,
لو قلتم لهذا الجبل ,إنتقل من ههنا يطيعكم ,إن كان لكم إيمان بقدر حبّة خردل,
لقد شرنقتم حول مواهبكم
إنّي أشفق عليكم
بعيدون أنتم عن الرب.
لم أكن أستطع الكلام حينها, أمام هذا الكم من المحيطين بنا’, فهو سيّد الموقف ,ويتكلّم بلغة الواثق بإيمانه ,و كنت على قناعة تامة بما يحدثّهم, أوافقه القول بإيماءة خفيفة مني ونظرة تعجب, من خلالها فهم من أني على وفاق معه ,وبصمت حدّثت نفسي قائلة
صدق من قال :
أنّ العالِم بين الجهّال يبدو مجنوناً
إفترقنا بعد أن حزمنا أمتعتنا وعدنا أدراجنا إلى بيوتنا للخوض في معترك الحياة, تركنا الصامت المنعزل( راهب الدير) وحديثه لا يبارح ذهني, كم كنت أتمنى مجاذبته أطراف الحديث ولساعات طوال,أسبر أعماقه , وأغوص في بحرنفسه العميق ,لأتعرف على عالم دواخله, فعالمه بحر خضمٌّ مجهول بالنسبة لنا.
لعمري , كم بدونا بالفعل حيوانات ناطقة , همها الوحيد,العوم في بحر الحياة الصاخب, نصارع أمواجه كي لا نغرق,ومن دون قارب وشراع,وسفينة نوح تنتظر الإبحار.
كلما سرحت بأفكاري بعيدا, يقطعها حديث المنعزل هذا , فأذهب إلى أننا , لسنا سوى أموات متحركة, تتقاذفها أمواج الحياة وتسيّرها كيفما تشاء.
لقد أقفلنا الأبواب ,وسجنّا المواهب التي منحها الله لنا ,والفكر الخلاق الذي زودنا به, وبه ميّزنا عن الحيوانات.
قال له المجد : وجعلتكم آلهة !!!
وفي موقف آخر قال وتعملون الأعمال التي اعملها وأكثر.
فأين نحن من هذه المواهب التي مُنحت لنا من فم الله؟
أين نحن من هذا كله
أين نحن من هذه النعم!!!!!!
أرى أنه لوكان لنا فعلاّ إيماناً بقدر حبة خردل لقلنا للجبل إنتقل من هنا فيطيعنا, ونحن في مأمن من حياتنا
أليس هكذا وعدنا ؟؟!!
فينا قدرات خارقة لكن ليس لناإيمان بتلك القوة الالهية التي تعمل فينا
لو كان لنا إيمان لفعلنا مقتدرين بتلك القوة التي قال عنها يسوع
لذا فالأعمال بدون الإيمان ميّتة

صورة

سعاد اسطيفان
صورة العضو الرمزية
إسحق القس افرام
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 54276
اشترك في: السبت إبريل 17, 2010 8:46 am
مكان: السويد

Re: تأملات -14 حديث في قلب الجبل بقلم بنت السريان

مشاركة بواسطة إسحق القس افرام »

الأعمال الصالحة لها تأثير كبير جداً على مركزنا في ملكوت ربنا يسوع المسيح كما هو واضح في مثل الوزنات، والأمناء.

فالأعمال تؤثر كثيراً في المكافأة أمام كرسي المسيح.
مشكورة جداً كاتبتنا الجليلة بنت السريان على هذه التأملات الروحية
قواكِ الرب ومنحكِ ثوب الصحة والعافية
:croes1: فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ :croes1:
صورة
صورة
بنت السريان
أديبة وشاعرة
أديبة وشاعرة
مشاركات: 17885
اشترك في: السبت يونيو 05, 2010 11:51 am

Re: تأملات -14 حديث في قلب الجبل بقلم بنت السريان

مشاركة بواسطة بنت السريان »

وجودكم في صفحتي يعطي للموضوع معناه الحقيقي بتعقيبكم على النص
شكرا لكم والرب يحفظكم

بنت السريان
صورة

سعاد اسطيفان
أضف رد جديد

العودة إلى ”܀ زوادة اليـــوم“