بركات الصوم!

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
إسحق القس افرام
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 49597
اشترك في: السبت إبريل 17, 2010 8:46 am
مكان: السويد

بركات الصوم!

مشاركة بواسطة إسحق القس افرام »



إن الصوم موسم اعتكاف والتقاء مع اللـه، رسمته الكنيسة تشبهاً بالرب يسوع عندما رجع من الأردن بعد العماد ودخل البـرية وحده في عزلة كاملة عن العالم أربعين يوماً يصلي مجاهداً ضد الشيطان، وفي أثناء هذه المدة لم يأكل شيئاً.

من العسير جداً على أي إنسان أن يلتقي مع نفسه في مواجهة داخلية كاشفة طالما هو يمارس حياته اليومية الروتينية من أكل حتى الامتلاء وحديث لا يهدأ وانشغالات جانبية وتسالي وتلفزيون وأفلام ونوم وزيارات. لذلك أصبح اختزال كل هذا أمراً ضرورياً في الصوم المقدس حتى تتهيأ لنا الفرصة للاعتكاف الداخلي.لذا ستواجهنا صعوبة حتمية عند البدء في تقليل الأكل أو تقليل الكلام، أو تقليل ساعات النوم. ولكن يلزمنا جداً أن ندرك أن هذه الصعوبة مرجعها رغبة النفس الشديدة في الهروب خوفاً من مواجهة حقيقتها الخاطئة، ورغبة منها في الاستمرار في انحلالها وتلذذها بالخطايا. وهذا أمر يحتاج إلى صرامة وحزم شديد وانتباه للأعذار الواهية والكاذبة التي ستخلقها باستمرار للهروب من الصوم.
فإذا نجح الإنسان في التغلب على عاداته ثم نجح في السلوك بصرامة وحزم وانتباه تجاه أعذار النفس ومراوغتها واستطاع أن يوفر لنفسه فرصاً للهدوء والاعتكاف والصلاة يكون قد نجح فعلاً في الدخول في بركات الأربعين المقدسة وتهيأ جيدا لكي يجني ثمارها. وثمار مواجهة النفس كثيرة، وأهمها اثنتان:

-1اكتشاف مـدى الخسارة التي أصابتنا بسبب التواني والإهمال والكسل في الحياة الروحية الناتج من عدم جدة نظرتنـا للحياة،وكيف أن هذا التواني أفسد حياتنا وضيَّع علينا فرصاً كثيرة للنمو الروحي بل وأوقعنا في انحلال وخطية، وجعل حياتنا في فتور.
ولكن أخطر ما ينتج عن التواني والإهمال في الصلاة والكسل الروحي الذي يصيب القلب ويبلّد الذهن هو التوهم الخاطئ الذي يصيب فكر الإنسان وإرادته فيعتقد أنه غير قادر على تغيير نفسه وأن لا فائدة من محاولاته. لذلك، فإن اكتشاف الحالة ومواجهة النفس وتفتيشها يعتبر من أعظم و أشهى ثمرات الصوم المقدس، وهو بمثابة قلع الجذر المسموم الذي يغذّي الحياة الروحية بالاستهتار ويمدها بفقدان الثقة بالنفس وباللـه، ويوقف جهاد الإنسان شيئاً فشيئاً كلما تقدمت به الأيام حتى يوصله إلى اليأس ومجالات الشيطان الذي يعبث فيه ويصول ويجول ليبدد كل رجائه وخلاصه.


-2اكتشاف مدى الخطأ والانحراف الذي أصاب الهدف الروحي الذي نعيش له. لأن أي انحراف في الهدف الذي نسير نحوه من شأنه أن يعرقل مسيرتنا ويلقينا في مشاكل وارتباكات وأوهام كفيلة أن تجعل طريقنا في النهاية مسدوداً بالرغم من مظاهر النجاحات التي نظهر بها أمام الناس. لأن بقدر وضوح الهدف تكون بالتالي سهولة المسير نحوه! وبقدر الأمانة والإخلاص لهدفنا تكون ثقتنا ورجاؤنا وتكون شجاعتنا وقوّتنا!
ونحن لا نملك هدفاً صحيحاً سوى المسيح نفسه الذي نعيش ونموت له، فإذا لم يكن المسيح نفسه هو هدف حياتنا بكل وضوح وأمانة وإخلاص القلب والنية، فإن العالم سيكون هدفنا، وستكون الذات وعظمتها وكبرياؤها ومديح الناس رجاؤنا، لأن المسيح كهدف لم يعد موجوداً بل نفسنا.

فجهاد الصيام المقدس هو فرصة مواتية للتسابق في ميدان الفضيلة والحياة الظليلة، والتنافس في مضمار المثل العليا والقيم الخلقية الرفيعة باتضاع.

الصوم مع المسيح إذا حرية، الصوم الحقيقى يحررنا من رباطات كثيرة.

كسر قيود الجسد حينما أجاب ابليس "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله".

كسر قيود المادة حينما رفض ممالك العالم كله ومجدها قائلاً: "للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد".

كسر قيود الذات حينما رفض المجد الباطل ومديح الناس والسعى وراء العجائب إذا اجابه "لا تجرب الرب إلهك".

بقلم جـاك برصوم
:croes1: فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ :croes1:
صورة
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”مواضيع دينية وروحية“