عيد انتقال السيدة العذراء إلى السماء
تقدم الكنيسة المقدسة في كل مكان كرامة خاصة لأمنا مريم العذراء، وذلك من خلال تكريسها لمذابح وكنائس على اسمها، وذكرها في الصلوات والأدعية وإطلاق اسمها على من يريد أن يتشفع بها، والكتابة عنها بأسلوب روحي أو نبوي اعتماداً على ما ورد عنها في الكتاب المقدس، أو في التقليد الكنسي، ولكن تبقى أعيادها هي من أهم مظاهر الكرامة التي تقدمها الكنيسة لأمنا مريم العذراء.
توجد في طقسنا الأنطاكي السرياني الأرثوذكسي أعياد وتذكارات كثيرة لأمنا مريم العذراء، ولكن عيد انتقالها نفساً وجسداً إلى السماء الذي يصادف في 15 ـ آب من كل عام، هو الأهم بين هذه المناسبات، هو عيد سيدي. تدعو فيه الكنيسة أبناءها للاحتفال به، ويسبقه صوم بخمسة أيام.
نفعنا الله ببركاتها وشفاعتها.

فروميون : التسبيح لشمس البر الذي أشرق من العذراء الطاهرة نعمة للبشر، التقديس للابن الذي كّرم يوم انتقال والدته أعظم تكريم وشرَّفه بين الأنام، التهليل للابن السماوي الذي جمع تلاميذه القديسين من أقاصي الدنيا لتشييع والدته، السجود لوحيد الآب الذي نظر إلى تواضع أمه مريم فعظَّم قدرها ونقلها إليه، وجعلها في مخادع النور المملوءة غبطة وحبوراً، الصالح الذي به يليق الحمد والوقار في هذا الوقت.
سدرو : لكِ الإكرام والتبجيل أيتها الممتلئة نعمة، يا من فزت من ربك بما لم يفز به غيرك من الخلائق، أيتها المركبة الرفيعة التي استقلها ذاك الذي يتعالى فوق الرتب العلوية بأقدس الأقداس الذي غطته سحابة نيّرة أضاءت المسكونة بأسرها. أيتها العذراء التي وُلدت المسيح مُصور الأجنة في الأرحام، أنتِ هي حجر الصَّوان الذي منه نبع ماء الحياة من دون أن تمسه يد أو عصا، يا من فاح عرف فضائلك الذكي في الأرجاء كلها، إنكِ فخر العلويين القائمين في خدمة ابنك، والسفليين الذين يقدمون له العبادة برهبة وخشوع، أنتِ التي وُلدت الإله الكلمة، وقد أذهلت العالم كله بانتقالكِ من هذه الحياة إلى السماء حيث ابنك العجيب، واحتار بك ذوو الألباب عندما رأوا الملائكة يدنون من ضريحك وهم مرتعدون، اليوم اجتمع إليك رسل ابنك الوحيد، الموتى منهم والأحياء وجنزوك بتكريم عظيم، واهتزت أقطار المسكونة الأربعة في يوم انتقالك واستملكهم العجب والحيرة، وزُدت شرفاً وعزاً في ذلك اليوم تدفقت الأشفية من جسدك الطاهر على الصم والبكم والخرس والعميان. اليوم اجتمع ألوف وربوات الملائكة وهم يباركون ويقدسون وجموع الشعب وهم يكّرمون فامتلأت الأجواء بعذب أصواتهم، واهتزت الجبال وبكت الأرض لما ودعت جسدك وابتهجت السماء مرحبة وقائلة : أهلاً بابنة الأرض التي ولدت خالق السماء. أهلاً بالسيدة التي حملت خالقها على الأرض فحملتها جنود العلاء. طوباك يا من صرت هيكلاً للإله الخالق. طوباك يا رائحة ذكية انعشت بشذاها الأموات. طوباك يا من انتقلت من هذه الحياة الفانية إلى المنازل الروحانية الباقية.
والآن نطلب إليكِ أيتها الأم الحنون والعذراء المصون، لتبتهلي إلى ابنك الحبيب ليمنحنا غفراناً للخطايا بشفاعتك، وصفحاً عن الزلات بدعائك، وإليه نهتف قائلين : يا رب بصلوات والدتك أشف مرضانا، وسُد حاجة المعوزين، وأعد المسافرين، واحفظ بالأمن الحاضرين، وبارك القريبين، وأعضد الشيوخ المسنين، وزد الشبان قوة وعفة، وجمِّل بالنقاء الفتيان والنساء، ونيّح أمواتنا المؤمنين، وأقمنا وإياهم عن جانبك اليمين لكي معهم نسبحك وأباك وروحك القدوس الآن وكل أوان.
القراءة (إنجيل لوقا 2 : 42 ـ 52) :
وَلَمَّا كَانَتْ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ كَعَادَةِ الْعِيدِ. وَبَعْدَمَا أَكْمَلُوا الأَيَّامَ بَقِيَ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا الصَّبِيُّ يَسُوعُ فِي أُورُشَلِيمَ وَيُوسُفُ وَأُمُّهُ لَمْ يَعْلَمَا. وَإِذْ ظَنَّاهُ بَيْنَ الرُّفْقَةِ ذَهَبَا مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَكَانَا يَطْلُبَانِهِ بَيْنَ الأَقْرِبَاءِ وَالْمَعَارِفِ. وَلَمَّا لَمْ يَجِدَاهُ رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ يَطْلُبَانِهِ. وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ جَالِساً فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ. فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا. وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ يَا بُنَيَّ لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هَكَذَا. هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ. فَقَالَ لَهُمَا لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي. أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي. فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا. ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعاً لَهُمَا. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هَذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا. وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ .