أينَ أنتنَّ يانائماتْ الشعرْ ؟!بقلم فريد توما مراد .

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
فريد توما مراد
عضو
عضو
مشاركات: 764
اشترك في: الجمعة أغسطس 31, 2012 9:00 am

أينَ أنتنَّ يانائماتْ الشعرْ ؟!بقلم فريد توما مراد .

مشاركة بواسطة فريد توما مراد »

أينَ أنتنَّ يانائماتْ الِشعرْ ؟!
أتساءلْ أحياناً وأنا أجول بينَ المواقع العديدة
عندما لاأرى حضوراً كافياً ومرضيّاً لمثقّفات
ديريكْ أو كما أردتُ أن أُسميّهنَ بنائماتْ الشعر
وهذه التسمية أخذتها من ثنايا قصيدة للأخت
العزيزة ( تيودورا سليم ) حيثُ تقول :
إستفاقتْ نائماتُ الشعر
تحلّقُ بنشوة فترسم لوحاتٌ
تدغدغُ الذاكرة
ليعودنا الحنينْ من جديدْ !
كانت قد نشرتها عِبر موقعنا الحبيب
(كولان سوريويي ) وزَّينتها بعنوان :
ديريكْ حبٌ عشعشَ في حنايا قلبي .!
فمن خلال تنقّلي وتجوالي عبر هذه
المواقع الكريمة التي أصبحت
بمثابة جسور توصلنا ببعض ،لاحظتُ أن
الحضور الذكوري يفوق الحضور الإنثوي بكثير
هذا ماجعلني أن أبقى في دهشةٍ عجيبة وحيرةٍ غريبة
من هذا التغيُّب اللامعقول ، وهنا تُراودني
أسئلة كثيرة لاأجد لها مبرراً أو تعليل !
من جملة هذه الأسئلة :لماذا هذا التغيّبْ لمثقّفاتْ
ديريكْ وَبعُدهُنَ عن الساحة العلمية والأدبية ؟
وأسمحوا لي هنا أتكلمْ فقط عن اللواتي عاصرنَ
جيل الستينات والسبعينات من القرن المنصرم
حيثُ أنا شاهداً من الذين عاصروه ، فاللواتي من
فتياتْ ذاكَ العصرْ أكثرهنَّ كنَّ يتمتَّعن ويملكنَ
طاقة كبيرة وقدرة فائقة من الذكاء والفِطنة والحذاقة
الأدبيّة والثقافيّة ، والإحساس والشعور المرهفْ
الواسع الفضاءْ ، كلّهنَّ كُنَّ شاعراتْ وكاتباتْ
ومجتهداتْ ونشيطاتْ ،( وهنا أتكلم في محيط ديريك
على الأقل ). كيفَ لا ! وكل شيىءٍ من حولهنَّ
كانَ يشجّعْ على ذلكْ ، طبيعة الزمان والمكان
وقتذاكْ ، وديريك التي كانت تتربّع على عرشها
وتزهو بمجدها كعروس في يوم عرسها ،البساتين
والكروم تطوِّقها لتردَّ عنها غبارْ الدهر ، وتبعثُ فيها
أنفاس العبير ، ديريك بمشاويرها الليليّة
وقصصْ العشاق وحكايات الحب العذريّة
وصفاء القلوب ، والطمأنينة والأمان ، وتلكَ السهرات
الحلوة في الليالي المُقمرة فوقَ تلكَ الأسطح الترابية
والنجوم تتراقص سعيدة في الفضاء وكأنها في
عرسٍ سماوي ، ووجهْ القمرالمنير ، والصبايا عند
باب الدار ، أو في إحدى زوايا الشارع ، تحتَ
الضوء المنبعِثْ من المصباح المعلّقْ على عامود
الكهرباء المنتصب وكأنّهُ شاهداًعلى تلكَ الأحاديث
الطفوليّة البريئة ،ناهيكَ عن تلكَ الرحلات والنزهات
الجماعيَّة إلى تلكَ القرى الجميلة بسفوحها ومروجها
وهضابها وتلالها ،وجفنات العنب وشجرالتين والرمان
والأغاني والأناشيد العفويَّة المنبعثة من الصفاء المُهيمنْ
وزقزقة العصافير وهدير الحمامْ ، وصوت أجراس
الكنائس والمدارس ،وخرير المياه المتدفق من تلكَ
الينابيع الغنيّة ، وأحاديثْ النِسوة حول تلكَ الآبار
المنزليَّة وهنَّ يملأنَّ جراراهنَّ الفخاريَّة ،وحاملاتْ
سلاّت العنب وهنَّ يتمايلنَّ ويدمدمنَ بالأغاني والصلوات
وصيحاتْ الفتيان والفتيات المنبعثة من تلكَ الأزقّة والحارات
وهم يمرحون ويسرحون ويلعبون ألعابهم التقليدية الموروثة
كالمخطبويه ( الغمّيضة ) والبوكه والتوشْ والحنكاليو..
وغيرها من الألعاب المسليّة ، ناهيكَ عن تلكَ الأعراس
البعيدة عن التكلفة والرسميّات حيث الدبكة تقام أحياناً
في الشارع إذا ضاق المكان بفناء الدار، الكل كان يشاركْ
ويفرح ويدبك على صوت الطبل ونغمات المزمار
هكذا كانت ديريك في الستينات والسبعينات ، وهكذا كنّا نعيش ...!!!!!
وماأريد أن أصل إليه بعد هذه اللمحة السريعة عن
أجواء ديريك الشاعريّة حينذاكْ التي كانت تجعل من الإنسان
إنساناً شاعريّاً شفافاً مرهفاً بالفِطرة ، أتساءل مرَّة أخرى
لا بل أوّجه نداء إلى كل المثقّفات في الوطن والمهجر
وأقول : أينَ أنتنَّ يانائمات الشعر ؟يامثقفاتْ ديريك
قد تقول إحداكنَّ : لقد تزوجتُ وأنجبتُ ، وأولادي صاروا
شباباً ، ولديّ أحفاد أيضاً ، فالوقت بالنسبةِ ليّ قد تأخّر !
أو قد تقول أخرى: هاجرتُ وتغرّبتُ وبدأتُ حياة جديدة !
أو قد تقول أخرى: ذاكَ الزمان الذي تتكلم عنه مضى
وولىَّ ، واليوم لم يبقى تلكَ القيمة للشعر والشاعرات
للأدب والأديبات ،ولا للكتابة والكاتبات ، كلُ شيءٍ
قد تغيّر وتبدل ونحنُ نسير مع موكب الحضارة !
أو تقول أخرى : حاولتُ أن أكتب ولكن كنتُ أتراجع
خوفاً من النقد والسخريّة وكلام الناسْ !
وأنا أقول : كل هذه الحجج والمبررات ليست كافية أبداً .
فانتِ المتزوجة وعندكِ أولاد وأحفاد، لن تتأخري مطلقاً
عن الكتابة ولازالَ لديكِ الوقتْ ، وتستطيعين أن تجعلي
من أولادكِ وأحفادكِ مرآةً تعكس لكِ أيام شبابكِ وطفولتكِ
فتتذكرين الماضي العابرْ من خلالهم وتكتبينْ .
وأنتِ التي تضعينَ اللوم على الهجرة والغربة ، فهذا أيضاً
ليسَ بصحيح ، لأن الغربة لم تكن أبداً صندوقاً مُغلقاً
لكبتْ المشاعر والأحاسيس ، بل على العكس ، ففي الغربة
يزداد الشوق الحنين ، وفي الغربة تتحرك المشاعر
وتتفتق الأحاسيس، وبرأي هذه هي الظروف الملائمة للكتابة .
أما بالنسبة للزمن الذي لم يعدْ يعطي حقاً كافياً للشاعرات
والكاتبات والأديبات ، لا ! فهذا أيضاً ليس بصحيح ،
فليسَ للزمن أن يُعطي أو لا يعُطي ، لكنه الإنسان ذاتهْ
هو الذي يحدد مقدار هذا العطاء ،والبشرية مستمرة
في الكتابة وهي لن تتوقف عند ظرفٍ من الظروفْ .
أمّا عن التي لاتكتبْ ، خوفاً من النقد والسخريّة وكلام
الناس ، فتذكري دوماً بأنَّ النقد مفيداً جداً للكاتب وربما
قد يكون تعزيزاً للمقالة أو أبيات الشعر......ألخ
أما سخريّة وكلام الناس فهذه كالفقاعات فوق المياه
وتذكري دوماً بأنكِ لستِ عائشة في جمهوريّة
أفلاطون الخيالية .
وفي النهاية أتمنى من أعماق قلبي للواتي ( نائماتْ الشِعرْ)
أن يستفقنَ وَيُلملمنَ مع الأخت ( تيودورا سليم ) حباتْ اللؤلؤ
المنفردة من حبل الذكريات.ولكنَّ منّي كل الإحترام والتقدير.

فريد توما مراد
ستوكهولم-السويد
13-9-2012م






أضف رد جديد

العودة إلى ”منتدى الكاتب والراوي فريد توما مراد“