لماذا أقرأ الكتاب المقدس
مقال لشارل حبيب مالك /مجلة المسرة نيسان 1974
مقال لشارل حبيب مالك /مجلة المسرة نيسان 1974
إن من لا يعرف الله ولم يختبر نعمته، ومن لم يشهد قوة الله في نفسه وفي غيره، ولم ير مجد قيامته في نفسه وفي غيره، وإنَّ من لم يمتحنه الله ولم يجربه في ما هو له وما إليه، ومن لا يشعر في أعماق نفسه، ولا يقر أمام نفسه على الأقل، بضعفه وقصوره وخطيئته، من لا يعرف كيد الشيطان وأحابيله ومغرياته، ومن لا يشعر بالحاجة الملحَّة إلى رحمة الله في كلِّ لحظة من عمره، من لا يهتم لمشكلات الحياة وأوزارها وحدثانها، ولا يؤمن بأن حلَّها ومغزاها جميعاً يكمنان في الله تعالى، وإلا انتفى معنى الحياة وعجز الإنسان عن تحقيق غايته منها، إن من كانت هذه حاله لا يستطيع أن يقدِّر الكتاب المقدَّس حقَّ قدره، أو أن يفقه ما ينطوي عليه من عزاء ورجاء ومضاء، وأمل وشفاء.
إنَّ من كانت هذه حاله لا يبصر نور الكتاب المقدَّس، ويقول إن هو إلا حديث خرافة. وقد تستوقفه روعة هذه النادرة أو تلك الأسطورة، وقد يجد في بعض هذا الكلام أدباً عالياً وشِعراً خالداً وجمالاً فائقاً، أو تاريخ أحداثٍ لا يعرف صدقها من كذبها، إلا أنَّه يظلُّ بعيداً عن جوهر المتاب، ومعانيه العظيمة.
فما لم يفقه الإنسان حقيقة نفسه وما هو عليه من المهانة والمسكنة، وهو حال البشر والتراب، فهيهات أن يكفي حاجة نفسه من الكتاب المقدَّس، وأن يلج إلى ما فيه زاد اللبيب ونفع الأريب من عظاتٍ وشواهد وعِبَر.