
جورج بلغ من العمر ثلاثين عاماً ..غير متزوّج .. كان أحّد ضحايا المشروب الفاسد السام
الذي دخل القامشلي عن طريق تركيّا لقتل الأبرياء ... من هو وراء هذه الغاية البشعة ، والعمل الشنيع ..؟ الله وأعلم .
البارحة كانت حفلة وداعه الأخير ، حيث أستقر هادئاً في مثواه الأبدي ، موَّدعاً من قبل الجميع بالآهات والحسرات
وخصوصاً أمَّه الثكلى .
يوم السبت المقبل المصادف في 5-10-2013 م تقبل التعازي في لوكال كنيسة ماربطرس بهالونباري – ستوكهولم
من الساعة الرابعة وحتّى الثامنة مساءً . ألا أصابكم الله بمكروه ، ورحم أمواتكم وأمواتنا أجمعين .
لمزيد من المعلومات بإمكانكم الإتصال بي على الرقم :0704266310 ( فريد ).[/size]
خالتي : منذ أن فتَّحتُ أعيني على هذه الحياة وبدأتُ أستوعب
مايدور حولي ، وعرفتُ أنكِ خالتي ، وهكذا رحتُ أناديكِ ...
عندما كنتُ أنظر بعمق عينيكِ ، كنت أرى فيهم ما لا أراه في
عيون الناس ، إلاَّ في عيون أمّي .. حتى إبتسامتكِ لم تكن كإبتسامة
الآخرين ، كان فيها مزيجاً من الحزن ، تماماً مثل إبتسامة أمّي ..
آهٍ ياخالتي ..!!! منذ سنين والحزن يقاسمكِ حياتكِ .. ولكن إيمانكِ
وصبركِ كان أقوى منه بكثير .. وكنتِ دوماً تقولين : هذه قسمتي
وهذا نصيبي .. كنتِ دوماً تستمدّين قوتك من رب المجد .. كنت دوماً
ترددين وتقولين : أشكرك وأحمدك يارب على هذه العطيّة .. ربّي
أحفظ أولاد العالم كلهم ، وأحفظ لي ( جورج ) ..
نعم ياخالتي .. جورج .. إبنكِ.... وحيدكِ .. مهجة عمركِ .. مرآة ذاتكِ
فلذَّة كبدكِ .. الأمل الذي من أجله كنتِ مُقهرةً تتبسمين لهذه الحياة .
ثلاثون عاماً ياخالتي وأنت بحنانكِ وعطفكِ ، تعدّينه وتنشئينه ، وهو
يوماً بعد يوم يكبر وينمو ويشتدَّ عوده ، وتعلو قامته ، أمام ناظريكِ
بدعواتكِ وصلواتكِ ونذوركِ ، ناهيكِ عن الليالي التي ما ذقتِ فيها طعم
النوم والراحة ، وأنت جالسة بجانب سريره ، عندما كان يصيبه مكروه ..
(لقد حان موعد زواجه ) وهذا ماكنتِ تأملين .. ثلاثون عاماً هو مناسب
تماماً للتأهّل والإستقرار .. ولكن أين هي إبنة الحلال ؟ أين هو النصيب ؟
هذه الأفكار كلهّا كانت تدور في ذهنكِ ياخالتي .. لابل كنت تحلمين باليوم
الذي يزورك ومعه أولاده ، فتأخذيهم إلى حضنكِ ، ودموع الفرح في عينيكِ ..
والإبتسامة تعلو شفتيكِ .. فتشكرين الرب مجدّداً كعادتكِ ، وتقولين : لم أكن أستحق هذه العطية .
آه ياخالتي ..!! هاهو عريسكِ يدخل محمولاً على الأكتاف ، موشَّحاً بالبياض ...
ليُزف إلى السماء .. إلى الحياة الجديدة .. إلى الأبديّة الخالدة
لقد أراده الرب ياخالتي ، وإرادته فوق كل شيء ، وحاشا وكلاَّ أن نعترض أو
نتذمَّر أو نتجرّأ ونقول لماذا فعلت ذلك يارب .
خالتي : لستِ الوحيدة من فقدت عزيزها ، وحيدها ، غاليها ... هاهي أم
الرب قد سبقتكِ في ذلك .. وهاهي تنظر إبنها معلَّقاً على خشبة ، ينزف
دماً وماءً ، يتلظى عطشاً ، فيُسقى خلاً .. حتى يستودع روحه بيد أبيه
قائلاً : لتكن مشيئتك ياأبتي .
رددي ياخالتي مع الرب وقولي : لتكن مشيئتك ياأبتي ..
خذي ياخالتي معنى الصبر والعزاء من أم الرب ..
كوني مؤمنة كما عهدناكِ دوماً .. ثقي بأقوال الرب ووعوده ..
فإذا لايستطيع الرب تعزيتكِ ، لايقدر عليها البشر ..
صلَّي له ياخالتي كما كنتِ تفعلين وهو قريبٌ منكِ ..
أشعلي شمعة ودندني له كما كنت تفعلين وهو صغير ..
فصوتكِ حنون ياخالتي ، أبقي وأبقي وأبقي
لوحيدكِ ، لغاليكِ ، دوماً إسمِعيهْ .
(خسارة شبابك ياجورج)
طيّب الله مثواكَ أيها العزيز الراحل إلى دار الخلود .
فريد توما مراد
ستوكهولم - السويد
2-10-2013 م