مكسيكو- شهدت المكسيك جهودا متعددة لإنتاج السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات القابلة لإعادة الشحن، وواجهت عقبات ترتبط بالنطاق الصناعي، وسلاسل التوريد، والقدرة التنافسية.

وتؤثر هذه التحديات، بحسب ما كتبه الصحافي المكسيكي إميليو غودي لخدمة إنتر برس، كذلك على خطة الإنتاج الحكومية الجديدة لحافلة تاروك وسيارة أولينيا خفيفة الوزن التي تعتمد على الخبرة المحلية الواسعة في قطاع السيارات وميزات السوق المتنامية.
وأعلنت رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم رسميا عن الخطة خلال شهر لتصنيع تاروك التي تعني عداء الطريق بلغة شعب الياكي، وأولينيا التي تعني “الحركة” بلغة شعب الناواتل.
وأشاد الخبراء الذين تحدثوا إلى خدمة إنتر برس بالمبادرة، لكنهم سلطوا الضوء على العقبات التكنولوجية والتنظيمية والبنية التحتية الكبيرة في بلد يعدّ فيه النقل مسؤولا عن حوالي ثلث جميع الانبعاثات الملوثة.
ومن شأن خفض الملوثات في هذا القطاع الناشئ أن يحسّن الصحة في المناطق الحضرية، وهو الأمر الذي تكافح من أجله معظم دول العالم، وفي الوقت نفسه تقليل استخدامات الوقود.
وقال غوستافو خيمينيز، مدير شركة غروبو إي-موبيليتاس الخاصة المتخصصة في استشارات التنقل الكهربائي، طور الآسيويون، وخاصة الصينيين، تكنولوجيا متقدمة للغاية. إنهم يسبقوننا بـ15 عاما. ليس هناك مجال للمقارنة.
وأكد أنّ الدعم الحكومي محدود ولا يرقى إلى مستوى احتياجات قطاع السيارات. ويرى أن على المكسيك الاستثمار إذا أرادت التنافس مع المهيمنين على السوق.
وتشير المعلومات التي اطلعت عليها خدمة إنتر برس إلى أن مسار تطوير حافلة تاروك كان أكثر تقدما، في حين لا تزال خطط سيارة أولينيا تفتقر إلى إستراتيجية واضحة.
وجاء هذا في وقت صعب يشهده القطاع بسبب تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية غير مسبوقة على السيارات المجمعة في المكسيك.
كما قرّرت شركة تسلا الأميركية وشركة بيلد يور دريمز (بي.واي.دي) الصينية إيقاف إنشاء مصانع السيارات الكهربائية. وتواجه بي.واي.دي الرسوم الجمركية التي تفرضها الحكومة الأميركية على المنتجات الآسيوية التي تدخل سوقها.
ويقول غودي إن تصميم النماذج الأولية لحافلة تاروك جاء في 2024 ضمن مشروع تطوير حافلة نقل عام كهربائية مكسيكية ودراسة لتنفيذ التنقل الكهربائي في المدن لتعزيز سلسلة قيمة الليثيوم في البلاد.
وتشرف الأمانة الجديدة للعلوم والعلوم الإنسانية والتكنولوجيا والابتكار (سيتشيتي) على تنفيذ مشروع التنقل الكهربائي مع الشركتين المكسيكيتين الخاصتين دينا وميغا فلكس اللتين تصنعان الحافلات والشاحنات الكهربائية بالفعل.
وتهدف مبادرة الحافلات الكهربائية، التي تقرر إطلاقها في 2023 بميزانية تبلغ 900 ألف دولار، إلى تسريع إدخال وحدات مكسيكية الصنع بتكنولوجيا محلية، ودعم صناعة السيارات الكهربائية الوطنية ونمو القطاع ككل. وتدفع الحاجة الملحة لتقليل انبعاثات وسائل النقل هذه الجهود.
وسيكون تجميع تاروك في ولاية هيدالغو، بالقرب من العاصمة مكسيكو. ومن المقرر أن تستفيد من منصة الإنتاج الحالية.
وسيبلغ وزن هذه الحافلة الكهربائية 12.5 طن، ومعدل تفريغ البطارية حوالي 90 في المئة، ويتراوح مداها من 180 إلى 361 كيلومترا. وهي مثالية للبيئات الحضرية بفضل هذه الميزات، بحسب غودي.
وعلى سبيل المقارنة، لا يتجاوز مدى الحافلات الخمسين التي طرحتها الحكومة في أكتوبر 2024، والمستوردة من العلامة التجارية الصينية يوتونغ، البالغ مدى سيرها 300 كيلومتر.
المنافسة
تبلغ ميزانية سيارات أولينيا المصممة للرحلات القصيرة، والمقرر إنتاجها في منشأة في بويبلا بالقرب من مدينة مكسيكو، حوالي 1.22 مليون دولار.
وستتراوح أسعارها بين 4383 دولارا و7300 دولار، مع توقع توفرها بحلول العام 2026. وبالمقارنة، خططت تسلا لاستثمار 5 مليارات دولار في مصنع تجميع من المقرر أن تنطلق عملياته خلال السنة الحالية.
ولم تضع سيشيتي، بالتعاون مع المعهد الوطني للعلوم التقنية والمعهد المكسيكي للتكنولوجيا، اللمسات الأخيرة على الخطط التفصيلية لتطوير نماذج أولينيا الثلاثة التي تشمل شاحنة صغيرة.
ولا تستفيد شركات السيارات في المكسيك، التي تحتل المرتبة السابعة عالميا في إنتاج المركبات الخفيفة، والثالثة في الصادرات، من الإعانات التي تهدف إلى التعجيل باعتماد السيارات الكهربائية بعد.
وتعتقد ليتيسيا بينيدا، التي تقود عمل المجلس الدولي للنقل النظيف في المكسيك وكندا، أن الحكومة تدرك فرصة الاندماج في سلسلة تصدير مهمة، فهي ترى فوائد توسيع الإنتاج بطريقة تقلل التكاليف وتزيد الكفاءة.
وقالت إن هذا يمثل فرصة كبيرة للمكسيك لإحداث ثورة في قطاع السيارات وتعزيز قدراتها التصنيعية لإنتاج مركبات تكون محلية أكثر. وتوفر هذه القيمة المتزايدة فرصة للمزيد من الاندماج في سلسلة التصدير.
ووقعت المكسيك على ميثاق غلاسكو بشأن التنقل الكهربائي خلال قمة المناخ في أسكتلندا سنة 2021، وتعهدت بهدف طوعي يتمثل في جعل 50 في المئة من مبيعات السيارات الخفيفة كهربائية أو هجينة بحلول عام 2030، و100 في المئة بحلول 2040.
ويقول غودي مراسل خدمة إنتر برس الذي يغطي شؤون البيئة وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة في المكسيك إن هذه تعد أهدافا طموحة في ظل الظروف الحالية. وشدد المستشار المستقل فيكتور ألفارادو على أهمية النظر في نقطة تقابل التنقل وتوليد الكهرباء، مشيرا إلى أن الوقود الأحفوري لا يزال يهيمن على مشهد الطاقة في المكسيك.
وقال إن الإعلان عن التنقل الكهربائي يحدث دون رؤية تحقيقه بالكامل، في حين أن ما يحدث حاليا يبقى مجرد كهربة وسائل النقل الثقيلة والخفيفة.
وأوضح أنه نظرا إلى مزيج الطاقة الحالي، ستستمر وسائل النقل في توليد الانبعاثات ما لم يكن هناك التزام بالسيارات الكهربائية.
وستدخل مبادرات الحافلات والسيارات القادمة إلى السوق المحلية التنافسية بشكل تدريجي. وتسيطر على هذا السوق في المقام الأول العلامات التجارية الأميركية والأوروبية والصينية التي شهدت نموا كبيرا منذ 2023.
وشهدت السنوات القليلة الماضية زيادة في بيع السيارات الكهربائية والهجينة في هذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها 129 مليون نسمة، حيث سُجّل تداول أكثر من 58 مليون مركبة، شكّلت السيارات جلها.
وارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية بنسبة 71 في المئة خلال السنة الماضية لتصل إلى أكثر من 24.28 ألف وحدة من نحو 14.17 ألف وحدة في العام السابق.
وسجّلت فئة السيارات الهجينة النمو الأكبر، حيث ارتفعت مبيعاتها من 60.1 ألف مركبة إلى أكثر من مئة ألف سيارة خلال الفترة نفسها، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 66 في المئة.
ولوحظ نمط مماثل في سيارات الركاب، حيث لا تزال تلك التي تعمل بالوقود الأحفوري (وخاصة الديزل) تستحوذ على الحصة الأكبر.
وارتفعت مبيعات السيارات الهجينة من طرازين فقط في 2023 إلى 670 سيارة خلال العام الماضي، بينما نمت مبيعات تلك الكهربائية بنسبة 16 في المئة من 252 وحدة إلى 294 وحدة.
لكن مبادرات السيارات الكهربائية تتقدم دون أطر قانونية كافية. وأعلِن خلال 2023 عن إعداد إستراتيجية وطنية تشمل تفاصيل إجراءات وأهداف محددة، لكن تفاصيلها لا تزال غير منشورة.
وعلى الرغم من أن القانون العام للتنقل والسلامة على الطرق لعام 2022 يشجع النقل المستدام، إلا أنه لا يتناول التنقل الكهربائي على وجه التحديد.
ويستفيد التنقل الكهربائي في المكسيك من رواسب الليثيوم الموجودة في الصخور والطين خاصة في ولاية سونورا الشمالية.
والليثيوم هو مكون حاسم في البطاريات القابلة لإعادة الشحن. لكن المدافعين عن البيئة يؤكدون أن استغلال احتياطيات هذه المادة قد لا يكون نافعا بيئيا أو اقتصاديا أو تقنيا بسبب ارتفاع استخدام المياه في عملية الاستخراج وتكاليف المعالجة الكبيرة.