غزوة السويداء

[توما بيطار]

غزوة السويداء

عذراً.. المجاهد سلطان باشا الأطرش
أظنُّكَ بالغتَ ، في مقاومةِ الفرنسيين
برغم إحترامي لك ولشجاعتكَ سيدي
أظنُّكَ أخطأتَ في ربطِ الإنتدابِ بالدين
هاهم الذين فديتَ حياتك ، من أجلهم
يهجمون على سويدائِكَ أحفاد الشياطين
كالذئابِ ينهشونَ ، الصغير قبل الكبير
يدوسونَ قبرك، ويقتلون كلّ المُصلّين
لو تركتَ الفرنسيين لسنواتٍ أخرى
ربما استطاعوا ترويض َ الذئب والتنّين
ولربما زرعوا في دمائهم بذورَ محبةٍ
وَطَلَوا فوق أحقادهم، رصاصاً أو طين
هاهم الدواعشُ يستبيحون السويداء
ويقولونَ: الله أكبر ، يا رب العالمين
أنصرنا على المسيحيين والدروز والأكراد
وهبنا أموالهم ،وجاههم ونسائهم الحلوين.
هجمت الجاهليةُ على أمّ الحضارات
فبكت تدمرُ زنوبيا ، دمّاً من العينين
هدّموا كلّ شيءٍ جميلٍ في السويداء
وقتلوا الصبايا والشيوخ، و إبن العشرين
أيُّ طوفانٍ عبرَ من خاصرتكَ يا وطني ؟
ونقشَ بدقّةٍ وشم الوحوش على الجبين.
نعم يا سلطان باشا الأطرش العظيم
قد أخذوا من بلدك كلّ شيءٍ ثمين
أغتصبوا النساء، وقتلوا وذبحوا الأطفال
وحلقوا شوارب الشيوخِ كفعلٍ مُهين
وصفوا شعبكَ يا سيدي، بالكفّار مثلنا
وقالوا بصراحةٍ: غير إسلام السنّةِ لا دين؟
فكلّ أتعابك راحت مع الرياح سيدي
تاريخكَ العظيم، وحتى قبركَ أصبح رهين
أصبحت السويداء تشبهُ مدينة أشباحٍ
إن رفعتَ رأسكَ، لن ترى غير السعادين
هؤلاء الغزاة، قد جاؤوا من الصحراء
يبحثونَ عن غنائمَ ونساء، وقتل الرياحين
لايعرفون منذ صغرِهم، غير لغة الذبح
يُكفِّرونَ من على شمالهم، وعلى اليمين
قتلوا كلّ من خرج ، من دون أيِّ رحمة
تماماً، كالغزوات ،أيام الخلفاء الراشدين .
هرب الكثيرونَ، وهاموا حُفاةً على وجوههم
تاركينَ الجثثَ ، في شوارعَ يلفّها الأنين
أيها الناس: هذه مدينة سلطان باشا
لكنَ العالم ينظرُ، ويقولُ في داخلهِ: آمين
ذهبت الإنسانية إلى جهةٍ أخرى من العالم
كلّهم يتفرّجونَ بحذرٍ، يضحكونَ وهم صامتين
حتى قبائل البدو، جاءت من دول الجوار
تُساعدُ الدواعش، تُحطّم كنز السويداء الثمين
إلى هذا الحدّ، نسى الله العالي وطننا
وتركنا نصارعُ الوحوشَ، في بركِ الطين
برداً وسلاماً ورحمةً لأهلكِ يا سويداء
وخبزاً وماءً ونوراً، للباقي من الناجين
ما أصعبَ أن تموتَ وتُحرَق أمام العالم
وإن كفرتَ، سيقولوا أنت من الكافرين
كفرتُ بالعرب والأمريكان ومعهم روسيا
وبأوروبا والهند وباكستان، وإيران والصين
كفرتُ بكلِّ مَن سهّلَ وصولَ الجولاني إلينا
وبكلِّ من أراد الشرَّ، لبلدِ القداسةِ والياسمين.